الأعمال الإرهابية مرفوضة في كل زمان ومكان ، وحسنًا تداعت الاحزاب اليمنية لإدانة جريمة التفجير التي راح ضحيتها أناس ابرياء في سيئون ، فضلا عن موقف مؤسسات المجتمع المدني وكافة فئات المجتمع لما لهذه الجرائم من أضرار بالغة باستقرار البلد وانعكاساتها السلبية على التنمية بشكل عام. والحقيقة لايمكن تبرير هذه الجرائم التي تتعارض مع السنن الإلهية والاخلاقية والمبادىء الانسانية في مختلف بقاع الارض وتعدد المجتمعات ، حيث لايمكن ان يشذ عن هذه القاعدة إلا من به انفصام في شخصيته ، مهما كانت خلافاته مع الآخرين ! وينبغي هنا توجيه التحية للحزب الاشتراكي اليمني الذي سارع إزاء موقفين وطنيين إلى تبيان رؤيته المباركة لقرار القيادة السياسية الحكيمة بوقف الحرب في بعض مناطق صعدة اولاً وإدانته للجريمة الارهابية في سيئون ثانياً ، وهو موقف لاغبار عليه يتسم بالعقلانية والموضوعية ، ولأنه ينحاز للوطن وبعيداً عن منطق المماحكات التي طبعت بعض قيادات الاحزاب على الساحة فقد باتت هذه المواقف محط تقدير المراقبين والرأي العام المحلي. ومن الملاحظ ان ( الاشتراكي ) ازاء هذين الموقفين الواضحين اللذين لا يقبلان المساومة او الصمت حيالهما قد سجل موقفًا لا يجد المرء إلا تقديره ، خاصة وأن هذا الموقف الوطني اتخذه الحزب وأعلنه بعد ان فشل - كما يبدو - في إقناع الاحزاب الشريكة معه فيما يسمى ب(المشترك) في إعلان هذا الموقف بصورة مشتركة! ومن الواضح ان قناعات قيادات ( المشترك) لاتزال على سابق عهدها في الخلط بين موقفها من الحاكم وبين القضايا الوطنية التي لا تقبل القسمة على اثنين او التسويف والمماطلة ؛ خاصة اذا كانت هذه القضايا ذات صلة باستقرار الوطن او تهديد امنه الداخلي او الاستراتيجي ونظامه الجمهوري ومؤسساته الدستورية. من الواضح ان انشداد بعض احزاب المعارضة الى إغلاق كل قنوات الحوار مع الآخر فضلا عن ارتهانها المسبق للاحكام الجاهزة والنهائية قد سلبها القدرة في التمييز بين ( الوطني ) و (الحزبي ) الامر الذي خلق إرباكا ليس لدى الرأي العام والمتابعين ، بل بين قواعد هذه الاحزاب ، خاصة اذا ماكانت أدبياتها تؤكد على الطبيعة السلمية للمعارضة والمنافحة عن القيم الوطنية والإسلامية وثوابت الوحدة والديمقراطية وإذا بها تتخلى عن ابسط تلك المبادىء ، وتصطف في مواقفها المعلنة وغير المعلنة وخطابها السياسي والإعلامي في خنادق التطرف والارهاب ومحاولات العودة بالتاريخ اليمني المعاصر الى الوراء. واذا كان المنطق يرفض هذه الازدواجية القائمة لدى بعض ساسة المعارضة في التعامل مع المستجدات الوطنية من منطلقات ودوافع ذاتية وأنانية حزبية مطلقة فإن الاحرى بها ان تراجع هذه المواقف لأنها تتعارض مع ابسط الالتزامات الاخلاقية والوطنية ، بل ان الإصرار على تقمص ادوار الفضيلة وفي نفس الوقت السقوط في وحل جريمة معاداة الوطن هو أمر مخز للغاية حتى انها تستكثر مجرد التنديد بجرائم الارهاب والتطرف فإن ذلك يدعو أيضاً للرثاء والحزن على احزاب لايردعها زاجر طالما انها مرتهنة الى طموح الوصول الى السلطة حتى وإن كان ثمن ذلك إحراق الوطن.