عرفت المرحوم/عبدالله الكرشمي من خلال الوسيط الإعلامي ،إذاعة ،تلفاز ،صحافة ويعرف الناس ،يكاد يكون إجماعاً أن هذا الرجل الذي فقده اليمن مؤخراً كان على قدر من العفاف عن المال العام والشرف والوطنية ،وقال أحدهم :إن المرحوم كان بعثياً شريفاً ،غير أنه ترك الحزبية ليصطف إلى جانب الوطن. مايرويه الناس الذين عرفوا المرحوم/الكرشمي نوادر واقعية تدل على الانفعال البليغ في تعبيره ،حباً لوطنه والمصلحة العليا، فكل هذه المرويات تعبر ببلاغة رائعة عن انتماء وطني متقدم. ومن ذلك أنه عندما كان رئيس وزراء وقد قدم له سكرتيره عشرات «الشيكات» ليوقعها. وقام الكرشمي ينادي على الاسماء واحداً واحداً ،وكان أهل الشيكات خليطاً من العسكر والمشائخ والموظفين والمواطنين ،فلما ظن هؤلاء أنهم سيأخذون هذه الشيكات ،مزقها في وجوههم ،قائلاً: الدولة فقيرة ،سيروا افسدوا.. وضحك القاضي الارياني رئيس المجلس الجمهوري على الطرفة التي أبداها المرحوم فيما رفض اعتماد قيمة «الدجاج» للقصر الجمهوري ،وكان المرحوم الكرشمي أول من يحضر الوظيفة في وزارة الاشغال، السابعة صباحاً ،وآخر من يخرج منها ،وكان يقعد في الباب يؤشر على الموظفين دخولاً ومغادرة. أما أصدقاؤه الذين عرفوه فقد شهدوا أنه كان مثالاً في النزاهة والمواطنة الصادقة ،مما جعل رئيس الجمهورية يؤكد أنه أشرف من زاول الوظيفة العامة. هناك عشرات يماثلون الفقيد/الكرشمي ،ولسوف يذكرهم الناس حين يحيون وحين يموتون الذكر الحسن ويثنون عليهم الثناء الجميل وفي بلادنا منهم الكثير والكثير، رحم الله الكرشمي حياً وميتاً ورحم من هم على شاكلته وفاء ونزاهة وسلوكاً حميداً.