اسعدني كثيراً صدور قرار رئيس الجمهورية رقم «17» لسنة 2007م بإنشاء لجنة لمتابعة وتقييم الظواهر الاجتماعية والسلبية التي تؤثر على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والتنمية. أسعدني ذلك، لأنه جاء متوافقاً مع طموحاتي التي اختصرتها في رسالة للأخ رئيس الجمهورية عبر صحيفة الجمهورية بتاريخ 2007/5/2م والتي عرضت فيها تشكيل منظمة «مثقفون من أجل السلام والأمن الاجتماعي» استشعاراً من المثقفين بما يقع عليهم من مسئولية إرساء الوعي الحقيقي ورفع مستوى الوعي لدى المواطنين سعياً منا كمثقفين لأن ندعو إلى الحرية والسلام، وإلى عالم منفتح على الحريات، وعلى التقدم، وعلى مرجعيات الدولة في العلاقات فيما بيننا. وفي تاريخ 2007/7/15م أصدرنا بيان تأسيس المنظمة حددنا في هذا البيان مهمة المنظمة باعتبارها ترتكز على إعادة النظر في مفهوم قوة الدولة وأنها لا تنبع هذه القوة من القدرة العسكرية ، ولكن تعتمد أساساً على قدرتها على تنفيذ السياسات العامة التي توفر الخدمات الأساسية للمواطنين، وقدرتها على توفير الأمن الشخصي والعدل الاجتماعي لهم، وقد حددنا أهداف المنظمة بالآتي: 1 تنمية الثقافة العلمية في المجتمع. 2 الدفاع عن السلم والأمن الاجتماعي. 3 التصدي للأفكار المتطرفة من أي نوع. 4 التصدي لكل مظاهر الحروب والعنف. 5 التصدي لمظاهر الثأر والعادات السيئة. 6 الدعوة إلى إغلاق أسواق الأسلحة في طول البلاد وعرضها. 7 توفير المناخ المناسب للسياحة وتنمية الوعي السياحي. 8 مد جسور التواصل مع الثقافات والحضارات الأخرى. 9 نشر ثقافة السلم والتسامح بدلاً من التطرف واستعداء الآخر. 10 تنمية روح الديمقراطية لدى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. 11 دفع القبيلة للانخراط في نسيج المجتمع المدني. وفي تاريخ 2007/7/6م وجّهت رسالة للأخ رئيس الجمهورية عبر سكرتاريته وضحت فيها أن مشروع المنظمة يتركز حول إشاعة ثقافة الدولة المدنية خاصة وأننا في إطار دولة تقوم على الديمقراطية والتعددية وحرية التفكير والتعبير والمساواة والمواطنة والعدالة وكل تجليات المدنية. فقد رأينا نحن في المنظمة أن الوحدة الوطنية تواجه مشكلة ولا يمكن لأي مراقب منصف أن يعزو ذلك إلى استعصاء المشكلة أو مكوناتها الداخلية على الحل، وإنما يعود بشكل أساسي إلى تعدد وتصارع المصالح الحزبية والقبلية والتي تهدف كل منها إلى تحقيق أهداف ومصالح متباينة وغير متساوقة مع مصلحة الوطن. فمن الملاحظ أنه لا يوجد لدى هذه الأطراف حتى الآن ممارسة ديمقراطية بشكل سلوكي، فثقافة المواطنة غائبة، لذلك فمهمة هذه المنظمة هي إشاعة ثقافة الدولة المدنية بحيث تكون مفتوحة لكل الناس بلا استثناء حتى مع التيارات المتشددة، حتى تكون الديمقراطية ممارسة وليست كلاماً فحسب، فلابد من الانفتاح على المجتمع المدني بكل مؤسساته. وقد رأينا أن الاحتقانات الأخيرة كانت ناتجة عن بعض المشاكل التي لم تأخذ حقها في الدراسة، والبعض الآخر تأخر حلها أكثر من اللازم، وفي كلتا الحالتين وجدت ضغوط فرضت نفسها، وهو ما جعلنا كمثقفين نبحث عن أساليب عمل جديدة تنفي عن نفسها التجاهل المقصود، تتجه إلى الاعتراف بالمشكلة بحجمها الحقيقي، وإشراك المجتمع في مناقشتها، وتوفير الموارد السياسية والاقتصادية والمعنوية لحلها، وبما يدعم من وحدة المجتمع وصلابته، ويزيد من الترابط بين نخبة الحكم وقاعدة المحكومين. لقد جاء قرار رئيس الجمهورية في وقته المناسب لتشكيل مثل هذه اللجنة الوطنية ومن مختلف القوى والشرائح، وإن بنسبة قليلة من شريحة المثقفين، والجميع يعرف أنه لا سلام ولا أمن في غياب الثقافة. فالثقافة هي صانعة الوعي والمعرفة.. والثقافة تمتد إلى القانون والعلوم والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والمعاملات. ولا شك أن وزارة الثقافة لابد أن يعطى لها دور أكبر في تحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي، فهي القادرة وهي المعنية بوضع المنظومة الأخلاقية والفكرية أمام المواطن اليمني نمطاً من الحياة العقلية والعلمية. يظل اعتقادي راسخاً بأن الثقافة هي سلاحنا الوحيد الذي يمكن أن نعتمد عليه لقهر كل التحديات التي تواجهنا وهي تحديات تتنوع أشكالها ومضامينها وليس هناك ما يمكن أن يقهر هذه التحديات سوى ثقافة يقظة تقدر على قراءة لغة العصر وفهم متغيراته. إن ضخامة التحديات التي تفرضها طموحاتنا المشروعة تحتم علينا ضرورة الاحتكام للعقل الذي ينتصر لأسباب القوة والوحدة. وهنا اتحدث عن إعادة الاعتبار للمثقف والثقافة، فالمثقف هو الذي يملك القدرة على الانتصار للحسابات الاستراتيجية الوطنية. إننا مطالبون بأن نعطي للثقافة دورها، فهي التي تملك جرأة المكاشفة وهي التي تدرك أن الوحدة الوطنية لاتعرف منطق المجاملة وإنما تقوم على علاقات المصلحة بكل ما في الكلمة من معنى. إن الثقافة التي أتحدث عنها هي تلك التي تستند إلى رؤى جديدة وافكار مستحدثة من خلال القدرة على تجديد الثقة في العقل وفي المثقف المستنير.