الجونية الشوالة ب«ستة آلاف» و«الدبة المعدني بمأتين» وسع تيه أهه بعشرين، هذه هي قائمة أسعار «الجراد» في السوق المحلية، ولم يتسن حتى اللحظة معرفة رأي وزارة التجارة وجهازها الرقابي على الأسعار .. هل هكذا هي التسعيرة؟!. موسم تجاري استثنائي هو موسم الجراد وبين النعمة والنقمة خيط رفيع يتشبث به الجائع والباحث عن فرصة عمل .. حتى ولو بيع الجراد، ولا يعدم اليمني حيلة يتحايل بها على فقره وحاجته .. وهي ميزة وربما كانت غير ذلك توارثناها جيلاً عن جيل، منذ دعا الأجداد الأوائل «ربنا باعد بين أسفارنا» فتهدم السد، وفعل سيل العرم» ما فعل. لماذا دعا الأجداد على أنفسهم ؟ لا نعلم ..ونعلم فحسب أن «بركة» دعوتهم شملتنا، ولاتزال تلاحقنا وتلحقنا بالغابرين أثابهم الله مع غزو أسراب الجراد لمناطق السواحل، قادمة من القرن الأفريقي «الجائع» وقبله من أواسط افريقيا «الهالكة جوعاً وعطشاً ، استنفرت فرق المكافحة التابعة لمركز مكافحة الجراد كامل جاهزيتها .. والنتيجة كانت جيدة : تسرّب الجراد سالماً آمناً إلى المناطق الداخلية في السهول والوديان ..والمكافحة على حالها قائمة قدم وساق إنما لايبدو أن الجراد يعبأ بها أو يلقي لها بالاً. وصل الجراد سرباً إثر سرب إلى الجبال ومدن المرتفعات، وهنا كانت النتيجة جيدة أيضاً، انتعش سوق الجراد واستنفر المواطنون جاهزيتهم لاستقبال خير زائر .. وراجت مجدداً حكايات الفوائد السحرية في أكل الجراد شواية أو مع المرق. ثمة حكمة يمانية لا غبار عليها في هذه الظاهرة الفريدة : اعتاد اليمني أن يقهر الطبيعة ويجند ظواهرها مهما بدت كارثية وسيئة لصالحه وهكذا تحوّل الجراد إلى نعمة وسلعة وعلاج للسكري والرماتيزم والضعف الجنسي وغيرها من الأمراض والعلل بحسب الروايات المتداولة شعبياً. أكل الجراد وتجارته وتداوله كأطباق وهدايا .. ظاهرة يمنية بامتياز، ودعونا نعترف أن مكافحة الجراد عمل يائس وتبديد لا يبرره «عقل». بالأمس قالت الجهات المعنية .. وعندي أنها جهات فقط، دون اضافات لا يزكيها الواقع قالت :إن التخلص من الجراد نهائياً يتلطب عشرة ملايين دولار أمريكي، طبعاً مش يمني . «أنور المحويتي» وهو سائق التاكسي الذي كنت في سيارته ساعة جاء الخبر على الموبايل وقرأته عليه ، علق ساخراً : «وللمه عادهم عيتعبوا ويخسرونا هذه المبالغ .. ما عليهم إلا نقضي على أبوه أكال» ؟! سيكون طريفاً لو فكرت وزارة التجارة والصناعة وأظنها الصناعة والتجارة الآن أن تتدخل وتضبط حركة سوق الجراد، وأسعار الشوالات والكراتين وسواها من الأحجام والكميات. ربما تجد لها عملاً أرحم من إشهار توزيع قوائم أسعار السلع المختلفة ولا أحد يقرأها .. لا البائع ولا المستهلك .. ولا حتى موظفي الوزارة ذاتهم . شكراً لأنكم تبتسمون