بعد غياب دام لأكثر من (15) عاماً عاد الجراد إلى أسواق صنعاء وأسواق عدد آخر من المدن اليمنية، فيما سجلت أسعاره ارتفاعاً جنونياً فاقت به أسعار اللحوم البيضاء والحمراء، في ظل الإقبال الشديد على شرائه من قبل المواطنين. وكشف بائعو الجراد في سوقي "باب اليمن" و"باب السبح" بصنعاء ل"نبأ نيوز" أن سعر قارورة سعة لتر معبئة بالجراد يتراوح بين (150- 200) ريال- أي بما يعادل دولار واحد تقريباً، فيما بلغت قيمة دبة سعة 5 لتر معبئة بالجراد مابين (400 – 450) ريال- أي ما يعادل (2.5) دولار تقريباً. كما انتشر في الحارات الشعبية أطفال يبيعون الجراد لأقرانهم بالمفرد بسعر (10) ريالات للجرادة الواحدة، ولم يكن الأطفال وحدهم من يتهافت على شرائها بل أن ربات البيوت تسابقن إلى مزاحمة الأطفال على شراء الجراد. وقدر محمد غراب- أحد الباعة- سعر الكيلو الجراد (لو تم بيعه بالوزن) سيصل إلى حوالي (1.500) ريال يمني – ما يعادل 7.5 دولار أمريكي- في الوقت الذي لا يتجاوز سعر كيلو لحم العجل الطازج (1.300) ريال يمني، وكيلو الدجاج الطازج (450-500) ريال يمني. وعزا غراب ارتفاع سعر الجراد إلى زيادة الطلب عليه بشكل كبير، خاصة وأن الجراد انقطع عن اليمن سنوات طويلة، وان معظم الناس يعتقدون أن فيه علاج طبي لكثير من الأمراض "كونه يأكل من نباتات مختلفة"، وأشار إلى أن الكثير من أبناء مناطق أطراف صنعاء تشجعوا على توريد الجراد إلى الأسواق الرئيسية في العاصمة بعدما بلغهم العلم بأسعاره المرتفعة، "لكنهم يبيعونه بالجملة". وأعرب غراب عن أسفه لأن كميات الجراد الواصلة إلى العاصمة ليست كثيرة جداً، ولأن إدارة حديقة السبعين التي غزاها الجراد صارت تتضايق من حشود الناس القادمة لجمع الجراد- خاصة وان اغلبهم من صغار السن. أما السيدة خديجة السنباني- 60 عاماً- فقد أخبرت "نبأ نيوز" أن الجراد لا يؤكل نياً، بل أن هناك ثلاثة طرق لأكل الجراد هي أما بشويه بالأفران (حنيذ)- وهي الأكثر شيوعاً- وأما بسلقه بالماء المغلي ثم تمليحه وتركه حتى يجف (لسيس)، وأما بتيبيسه تحت الشمس- والطريقة الأخيرة قلة من الناس يرغبون بها.. وأشارت إلى أن بعض "البنات المتعلمات" يقومن بطبخه مع الصلصة، وإضافة البهارات له حاله حال اللحم، مستدركة أن قلة قليلة جداً من الشباب (جيل هذه الأيام) يرغبون بأكل الجراد. وقالت: أن الناس قديماً كانت تنتظر الجراد وتتابع أسرابه حتى حلول المساء لتعرف في أي أرض سينزل.. ثم يقوم شخص بالتجول بين البيوت منادياً الناس: "وا جرادااااه.. وا جراداه.. في أرض فلان".. فيتجمع الناس مجموعات وينطلقوا فرحين بالفوانيس و"الجواني" إلى تلك المنطقة وهم يرددون الزوامل والقصائد، ويبدءوا بغرف الجراد من الأرض حيث يجدونه قد كسا الأرض.. وكل واحد يملأ جونية أو اثنين ويعودون أيضاً مجموعات. وأبدت الحاجة خديجة حسرتها على تلك الأيام "لأن الحكومة حرمتهم من الجراد وقامت ترش السم وتسممه" فلا تستطيع الناس أكله.. "نبأ نيوز" التي كانت أول من رصد طلائع الجراد القادمة على صنعاء منذ مساء الثلاثاء الماضي- رصدت اليوم السبت هوس الناس بالجراد، وحديثهم في كل باص ومكان عام.. وظل السؤال الوحيد الذي لم تعثر له عن إجابة هو: في أي كوكب يا ترى تعيش الجهات الحكومية المعنية بمكافحة الجراد- كونها وحدها من واصل نفي وصول الجراد إلى العاصمة..!