إجراءات إيجابية كثيرة حدثت مؤخراً من غير أن نسمع للقوى السياسية تعليقاً عليها.. إلا أن سائق باص صغير بصنعاء أغنانا جميعاً عن التعقيب قائلاً: «أبو أحمد إذا قال لها دوري دارت»!! آخر التطورات أن الأخ رئيس الجمهورية وجّه بتحويل تكاليف المآدب الرمضانية التي اعتادت الرئاسة على إقامتها في كل رمضان،وكذلك المساعدات المالية التي تعطى للبعض .. إلى الفقراء ليتم إنفاقها عليهم عبر مؤسسة الصالح الاجتماعية الخيرية. قد يجهل البعض أن الأمسيات الرمضانية الرئاسية هي تقليد لدى الرئيس صالح منذ تسنّمه الحكم، يرجو منها الالتقاء بمختلف شرائح المجتمع،و تداول قضايا الوطن والمواطن وهو لم ينقطع عنها سوى مرتين،الأولى عام 1994م بسبب حرب الانفصال والثانية عام2002م كونه كان في جولة خارجية.. وربما كان بوسعه هذا العام استثمارها للدعاية الانتخابية،ولمواجهة خطاب المعارضة،وقلب طاولة الرأي العام من خلال خطابات يومية، إلا أنه فضّل تحويل التكاليف إلى إنجاز ملموس في حياة المواطن اليمني بدلاً من أن تكون صوتاً مسموعاً يدغدغ المشاعر،ويتخم الرؤوس بالأحلام الوردية! خلال الأسابيع الماضية كانت الشاحنات المحمّلة بالقمح تجوب قرى ومديريات كل المحافظات اليمنية، تبيع كيس البر بما لايزيد عن«3700» ريال بتسعيرة المؤسسة الاقتصادية.. فيما لم تتوقف مراكز جمعية الصالح عن توزيع المواد الغذائية المجانية للأسر المحتاجة،و حتى تلك المحدودة الدخل.. وهو الأمر الذي اسدل الستار على «أسطورة» القمح التي حملها البعض كقميص عثمان وطاف بها في شوارع اليمن! وخلال سبتمبر تقاضى جميع العاملين في مؤسسات الدولة،وكذلك مستحقّو الضمان الاجتماعي مرتباً إضافياً، مكرمة من الأخ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.. فيما مازالت الأجهزة الحكومية تعمل على وضع الإجراءات الإصلاحية لأوضاع العاملين في كثير من القطاعات. وفي الوقت الذي نرى جميعاً أن الدولة ماضية في برامجها لتحسين الظروف المعيشية للمواطن اليمني،وقفت بعض القوى ناقمة على هذه التطورات، كما لو أنها كانت تتمنى أن يصل كيس الدقيق إلى سعر عشرة آلاف ريال،و أن لاينعم الموظف بمرتب إضافي يعينه على متطلبات الشهر الفضيل، لذلك عندما لم تجد موضوعاً تهرول تحت شعاره في الشوارع، دعت الناس للتظاهر من أجل إطلاق سراح بعض الخارجين عن القانون، ممن رفضوا احترام النظام،وانتهكوا الثوابت الوطنية، أو ممن كسّر وخرّب واعتدى على الممتلكات العامة والخاصة، فلم يعد مشروعها«النضالي» من أجل المواطن.. كما كانت تدعي.. بل من أجل منتهكي القانون! لوكانت هذه القوى على أبسط قدر من الحنكة السياسية لأشادت بالإجراءات الإيجابية التي تحققت مؤخراً ،ولاستثمرتها إعلامياً بالادعاء أنها ثمرة الضغوط التي مارستها على السلطة.. لكنها أضاعت من أيديها الفرصة، كما لو أنها تعلم أن هذه الإجراءات كانت ستأتي لامحالة سواء تظاهرت أم لم تفعل،و أن الشارع لن يصدّقها مهما ادّعت!! عندما نفكر كمواطنين بمطالبنا فإننا لن يذهب تفكيرنا إلى ماهو أبعد من لقمة العيش وخدمات الصحة والتعليم والعدالة، لكن غيرنا لديه مطالب أخرى تبدأ بكرسي الحكم وتنتهي إلى مابعد كرسي السلطة.. لذلك يرى المواطن نفسه في مفترق طريق مع هذه القوى،وبات يستخّف بخطابها لأنه لم يعد يقبل أن يكون سلّماً يطلع على معاناته الانتهازيون إلى مآربهم التي لاناقة له منها ولاجمل..!