كم من الوجوه نحتاجها لنتعامل مع عديدي الوجوه.. من يتقربون إلى الله بالصلاة.. ويتهربون منه في أشياء أخرى!! .يصلي لأنه يقرأ «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر».. بينما حياته تزدحم بالمنكرات.. وبالقبح .. هو لا يدرك بأن الصلاة لا تعني انحناءات متواصلة لخمس دقائق فقط.. إنما هي تجل حقيقي وخشوع.. وتذكر بين يدي الله لما مورس قبلها بدقائق أو أيام..هي في حقيقتها حياة على الواقع.. نمارسها في المسجد.. وفي الشارع بذات التجلي.. وبذات المعرفة بكنه الصلاة. قد أصلي وأمارس بصلاتي كل الرذائل والمساوئ.. سأتقمص دور الزاهد المتعبد.. وسيكون حينها من السهل أن أعبر إلى كثير أناس رأوني في ذات يوم داخلاً المسجد غير مدركين لحقيقة ما بعد المسجد!!.. هل نحن بذلك نضحك على الله؟. كثير أناس يلتحون ليس كما يقال اقتداءً بسنة رسول الله «صلى الله عليه وسلم».. إنما لإغواء الناس بلحى مزيفة .. ووجوه من جِلد!!.يعبرون من خلالها إلى قلوب الناس.. وليس إلى الجنة!!. ما أسوأ أن يختصر الدين في لحية ومسبحة ومسجد! بينما الشارع والحي والبيت يتم تجاهلهم تماماً.. بإمكان أي إنسان أن يعبر الى قلب إنسان آخر بكلمة طيبة.. ومعاملة حسنة.. وعطف حقيقي.. وتساؤل دائم عن حاله.. وإلا ما فائدة أن أصلي وجاري يصيح بأعلى صوته من إيذائي له.. وسوء معاملتي لأبنائه؟!. الدين هو مجموعة المبادئ والقيم والأخلاق.. قبل أن يكون صلاة ولحية.. هو حزن لحزن الإنسانية جمعاء.. والإحساس بمعاناة الآخر!! هو الإيثار والتضحية!! الصلاة لا تكفي لأن تجعلك مسلماً حقيقياً.. وأنت في حقيقة الأمر لم يسلم منك أحد.. تخوض في عرض هذا.. وتسب هذا.. وتتحرش بهذا!!.. وتسلخ جلد هذا!!.. وتردد في ذات الوقت «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».. لم يصل الإسلام إلى الناس إلا بسمو أخلاقه.. والدين الحقيقي هو من يسمو بمعتنقيه!!.. والإسلام دين يفعل ذلك.. حين يكون هو من يقودنا.. وليس العكس!. في رمضان يعود كثيرون إلى الصلاة.. بداعي «لا صيام إلا بصلاة»!!.. هو يصوم عن الأكل .. بينما لسانه لا تصوم عن الكلام الذي لا يجرح صوم يوم أو شهر بل أشهر.. وهو في الحقيقة يمارس عادة لا أكثر هي الصوم ملحقة بالصلاة.. التي تغدو هنا تابعة لعبادة أخرى ومستقلة «إلا الصيام فهو لي»..!! رمضان بما يمثله من مدرسة تربوية لم نتعلم منها شيئاً.. فما زال الجائع جائعاً.. والمتخم متخماً.. لا أحد يلتفت لأحد.. الجميع مشغول بمن سيدخل الجنة أولاً.. هل سيدخلها الجائع أم الشابعُ حد التخمة؟؟!!. في رمضان على الأقل لا يجب أن نتدثر بدثار الدين.. ونمارس بذلك كل النتوءات القبيحة.. نسيء إلى الدين ونلطخه بكل سواءت الحياة التي يجملها الدين.. ويجعلها أكثر قابلية للاستمرارية!! في رمضان على الأقل يجب أن نكون أكثر إنسانية.. نتحسس جراحات الآخرين.. ونسعى إليهم ونواسيهم .. إن لم نملك ما نقدمه لهم!. في رمضان يجب أن نقترب من نفوسنا ونكون أكثر مصداقية معها؛لأن من يكذب على نفسه لن يكون صادقاً مع الغير!!.. وفي رمضان - على الأقل يجب أن نلتفت قليلاً إلى من حولنا بعيداً عن زيف اللحى.. وكذب الصلاة المغلفة. قفلة صلى وصام لأمرٍ كان يطلبه فلما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما