هل يجب أن نعود إلى قرانا ومناطقنا كلما دهمتنا قضية عابرة أو مشكلة تتطلب حواراً لحلها وتجاوز آثارها، ليس هروباً إلى منطق القروية والمناطقية ؟! - أتصور أن الوطن يسعنا ويسع نقاشاتنا وحواراتنا، وحتى خلافاتنا واختلافاتنا .. فلماذا نقزّم أنفسنا ونفعل مثلما تفعله النعامة إذا دهمها خطر.. وكل الذي تفعله هو دفن رأسها في التراب لحمايته - وإبقاء كامل جسدها عرضة للناهبين ؟! - لماذا هذه الرّدة المحمومة عن سعة الوطن إلى ضيق الجحور والانتماءات القروية والجهوية والمناطقية ؟ - هل نبحث عن حلول ومعالجات حقيقية لمشاكلنا وقضايانا الطائلة ؟ أم أننا نقول «حلاً » ونفعل «حرباً» أو نفتعل أزمات جديدة ومشاكل مضاعفة ؟ - رافعو راية «الحقوق» عليهم أن يحترموا عقول الناس وذكاء الجماهير، حتى والجماهير تصطلي بمعاناة يومية في المعيشة والظروف المادية الصعبة والخانقة، إلا أنها - الجماهير أعني - لاتبحث عن حلول تستعيض بالموت عن الحمى. - التحول الكبير في الخطاب السياسي والإعلامي بقضية حقوقية ومطلبية إلى «قضية جنوبية» ولاغير، يعني أن أصحاب هذا النوع من التفكير لايزالون ينظرون إلى الوطن والوحدة، نظرة التاجر إلى السلعة المملوكة فإن شاء زايد بها وإن شاء عاد بها إلى الدكان أو المخزن قائلاً: «حقي» ! ولكن تلك سلعة رخيصة - مهما غلى ثمنها - وهذا وطن لاتسعه الأثمان ولايملكه تاجر ولاسياسي أو حزبي أو من كان. إنه حق وملك الجماعة والمجتمع. سوّغ البعض لنفسه أن يتحدث كوصي مفروض أو مفوض - على قطعة من الأرض وجماعة من الناس وأجزاء من الوطن .. فهو مالكها وصاحب الرأي فيها والمتصرف بأمورها - وهكذا صار هذا البعض يعادل مصلحته ورأيه بمصلحة ورأي الجماعة والمجتمع، وليس له من الحق شيء إلا أن والده مر ذات يوم هنا.. في هذه المنطقة أو القرية التي يدعي الوصاية على أهلها وتملك أمرها وأمرهم !! - إما أن نتحدث بلغة عاقلة ومفهومة وموضوعية ونسمي الأشياء والقضايا بأسمائها الحقيقية دون مبالغة أو مغالاة، أيضاً دون نقصان أو انتقاص. أو أن نسلم نقاشاتنا وقضايانا كلها لمنطق المقامرة والمغامرة والمكابرة.. وفي هذه الحالة لن يفوز أحد، ولن يظفر أحد.. ولكن أيضاً، وفي جميع الأحوال.. لن يعود الوطن قرية، ولن يتحول الناس إلى تبع يتحكم فيه كل ناعق. شكراً لأنكم تبتسمون