اختلطت المفاهيم عند البعض واعتجن الوعي وأصيب بعاهة شديدة فانكشف المغطى وبان المخبى،وذهبت كل الشعارات أدراج الرياح،حيث لم يصدق شعار واحد من الشعارات التي كانوا يسوقونها على الناس،ولا المطالب كما يدعونها. هكذا اتضح حال المعارضة وافتضح ومن سار معهم واقتفى أثرهم بعلم ودراية أو بجهل وغباء والنتيجة واحدة ولاعذر لمن لايعلم شيئاً بعد كل هذا الذي يحدث جهاراً نهاراً وفي مهرجانات ضرار المتنقلة. غير مرة قلنا إن هؤلاء معارضة لايفرقون بين معارضة السلطان ومعارضة الأوطان ،وهاهم يعارضون الوطن وكانوا يتحدثون عن وطنية مثالية لايجاريهم بمثلها أحد في طول الوطن وعرضه ،فما الذي حدث وغيّر الأحوال وأجهض وطنيتهم قبل أن ترى النور؟ ليس سوى العاهة التي أصابت الوعي ،ولأن حبل الكذب قصير وحبل الزيف أقصر فقد نضح إناء المعارضة بما فيه وها قد رأينا بما نضح،ومن اليقين أن وعي الناس أكثر نضجاً مما تظن احزاب المعارضة ومن أوكلت لهم الأدوار الأخرى في تمثيلية المنصات والمهرجانات. قد يُخدع البعض من الناس بشعارات وبيانات تطلقها المعارضة حين تتحدث عن هموم يومية معيشية تلامس همومهم أو تتفق معها وتلتقي في لحظة ما،وأقول يُخدع البعض لأن محتوى تلك الشعارات والبيانات ليس سوى تغطية على ماوراء هذه الشعارات ،وما وراءها قد اتضح في أكثر من مهرجان ،لكنه لن يخدع الناس ولن ينساقوا وراءه لأن وعيهم لم يزل سليماً من عاهات وعي المعارضين والمكلفين بالاعتراض والتعرض،والذين يؤدون أدوار الضحايا والمتضررين كما يريد لهم راسمو هذا السيناريو القبيح الملعون. لاشيء يحزن أكثر من أن ترى أناساً مُسخوا ،وهم يصرون أنهم الأفضل والأجدر، وأنهم أصحاب قضايا عادلة وأنهم على حق دون سواهم من الناس. لم يتركوا باباً من أبواب الاسفاف والفوضى إلا طرقوه، ولا طريقاً من طرق الخراب إلا سلكوه..فما هذه الحمى المعارضاتية الموجهة نحو الأوطان التي تجتاح البلاد العربية مدعومة بالفوضى الخلاقة الداعية إلى شرق أوسط جديد لاتحكمه أخلاق ولاقيم ولا مبادئ ولايعترف من يؤمن به بحرمة وطن ولا بمصالح وطنية لاينبغي الاضرار بها وإن اختلف شركاء الوطن الواحد فيما بينهم. حقيقة واحدة قبل كل الحقائق الأخرى هي أن هموم الناس وظروفهم المعيشية واشياء أخرى من هذا القبيل لم تعد تذكر في قواميس احزاب المعارضة وصحفهم إلا للتغطية والمغالطة فيما تلك القواميس والصحف تنضح بمفردات مسمومة موجهة إلى جسد هذا الوطن وكل وطن ابتلاه الله بأحزاب معارضة ومعارضين على النحو الذي نراه في بلادنا،ونرى هذه الأحزاب أشد حماساً وأكثر نشاطاً في قضايا تضر بالناس أكثر مما تنفعهم وفي أحسن الأحوال تكون غير ذات فائدة لكنهم لايدخرون جهداً في التعاطي معها والعمل من أجلها،لكن هموم الناس ليست همومهم مطلقاً ولاتعنيهم ولا هي ضمن أولوياتهم مع كل الأسى والأسف. ماذا لو أن احزاب المعارضة اخلصت لقضايا الناس وهمومهم ووقفت من أجلها كما وقفت في قضايا الشيطان التي وقفت من أجلها في مهرجانات التفرقة والشتات؟ بالتأكيد كانت ستكون أفضل بألف مرة مما هي عليه اليوم ومن لم يصدقها حينها فلن يجرؤ على تكذيبها أبداً. أما وقد اختلط الحابل بالنابل واختلط السم بالعسل فصار الخليط سماً فلا مجال للثقة بعسل المعارضة،ليس لأنها معارضة لكن لأنها معارضة على الصورة التي ظهرت بها في أكثر من مكان ومهرجان..فما جدوى أن يصدقها الناس ويركنوا إليها وقد أبدت لهم الأيام ماكانوا يجهلون من أهداف المعارضة ومن هم على شاكلتها كالنار تحت الرماد..