برغم كل التحذيرات التي صدرت من أقطاب الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس جورج بوش لثني الكونجرس عن تبني قرار من هذا النوع، وافقت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قرار يعتبر ما تعرض له الأرمن من مذابح خلال الحرب العالمية الأولى عام 1915م إبادة جماعية، بعدما كان سياسيون أمريكيون كبار قد عطلوا مشاريع قوانين مماثلة عامي 2000 و2005م. القرار حسبما ترى الإدارة الأمريكية تترتب عليه أضرار شديدة على العلاقات مع تركيا، والتي تعدّ حليفاً رئيساً لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط المضطربة في أكثر من اتجاه. وفي حال تبني مجلس النواب مشروع القرار، فإن الولاياتالمتحدة تكون قد حذت حذو فرنسا التي أسست سابقة بتصويت برلمانها على اعتبار ما تعرض له الأرمن بمثابة إبادة ، الأمر الذي قابلته تركيا بوقف التعاون العسكري مع فرنسا. لجنة الشؤون الخارجية أجازت القرار بغالبية 27 مقابل 21 صوتاً في خطوة أولى، ومن المقرر أن يعرض القرار للتصويت أمام الكونجرس منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. يعتبر هذا القرار- في حال إقراره من الكونجرس- قراراً رمزياً غير ملزم للسياسة الخارجية الأمريكية ولا يحتاج إلى تصديق الرئيس الأمريكي. الرئيس جورج بوش كان حث أعضاء مجلس النواب على إسقاط هذا البند من جدول أعمالهم، واعتبر أن مثل هذه الخطوة ستضر بشدة بالعلاقات مع حليف رئيس داخل حلف شمال الأطلسي ويشارك في الحرب الأمريكية على الإرهاب. واللافت أن مجلس الشيوخ الأمريكي هو أيضاً يبحث من جانبه مشروع قرار مناظر. كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية من جانبها أشارت إلى أن صدور هذا القرار سيؤدي إلى عديد من المشاكل لسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وقالت: إن هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى تقويض الجهود الأمريكية في العراق وأفغانستان؛ لأن تركيا محور رئيس للعمليات العسكرية في المنطقة والسؤال ماذا تقول انقرة بهذا الشأن؟.. كانت تركيا قد حذرت واشنطن من تعرض علاقاتهما للضرر في حال تبني الكونجرس الأمريكي مثل هذا القرار. وحذر الرئيس التركي/ عبدالله جول، من أن العلاقات الثنائية بين البلدين ستتضرر كثيراً في حال إجازة مثل هذا القرار.. جول قال في رسالة بعث بها إلى الرئيس بوش: إن "مشكلات خطيرة" يمكن أن تنجم في حال أجاز مجلس النواب الأمريكي مشروع القرار. الرسالة قرأها بعض المراقبين إلى أن تركيا قد تقيد استخدام الولاياتالمتحدة لقواعدها الجوية في إطار عملياتها العسكرية في العراق. كما جاء في رسالة بعث بها رئيس البرلمان التركي إلى رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، "سيكون من الصعب السيطرة على نتائج رد فعل الرأي العام التركي". قادة أتراك آخرون أشاروا إلى أن أنقرة يمكن أن تدرس إمكانية منع الولاياتالمتحدة من استخدام قاعدة جوية رئيسة في تركيا توفر الدعم اللوجيستي إلى العمليات العسكرية الجارية في العراق وأفغانستان. تقبل تركيا بأن العديد من الأرمن قتلوا، لكنها تقول: إن الوفيات كانت نتيجة اقتتال واسع النطاق شهدته تركيا خلال الحرب العالمية الأولى. وكان الأرمن أطلقوا حملات من أجل اعتراف المجتمع الدولي بأن عمليات القتل التي تعرضوا لها ترقى إلى مستوى الإبادة، وقد اعترفت بعض الدول بذلك، ترى انقرة أن القرار إهانة وترفض موقف الأرمن، الذي يدعمه العديد من الباحثين التاريخيين الغربيين، من أن نحو مليون ونصف مليون ارمني تعرضوا للإبادة على أيدي الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى.