أدب الحوار عمود التواصل مع الآخرين، وكسب ثقتهم واحترامهم فإن فقده المحاور أو حاد عنه تعثر والنفس البشرية بغض النظر عن توجهها الديني والأخلاقي تجمع أمام محاور فض غليظ، بينما هي ترتاح وتنسجم مع محاور التزم فن الحوار وأدبه، محاولاً إيصال أفكاره للطرف الآخر بالتي هي أحسن وهذا هو أدب القرآن الدستور السماوي المنزه عن كل نقص وعيب يقول الله سبحانه وتعالى «ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»صدق الله العظيم. أما حين يتحول الحوار إلى تقاذف بالألفاظ واتهامات غير مبررة وغضب للذات وتسفيه الآخر ووأده، ويتحول المسواك عند المتدينين إلى «صميل» والقلم عند المثقفين إلى «خنجر» والفكرة عند المفكرين إلى قرآن لا بد من التعبد به. فهنا يحق لنا أن ننعت الفقه والعلم والثقافة بالغثاء والزبد الذي لا ينفع الناس!! إن للحوار أسساً ومرتكزات ينبني عليها وفقدانها يعني ضعف الإيمان بالفكرة. أدب الحوار مبتدؤه نابع من ذات المحاور الذي يجب عليه أن يعرف أموراً عدة منها : أنه يتعامل مع إنسان يغايره في الأفكار والسلوك وربما في المعتقدات غير معصوم من الخطاء ولكنه ليس خطأ محضاً. أن يدرك أن كونه اعتقاده على الحق لا يعني احتكاره له. إن مهمته البلاغ والتوضيح في بعض المواقف ومحاولة الإقناع بالتي هي أحسن. أن يضع نصب عينيه قوله تعالى:«ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء..». وأخيراً فإن المحاور الناجح هو من يجمع في شخصيته بين عمق البحر وهدوء البحيرة حتى يكسب ود واحترام محاوره.