أحدهم ذهب لشراء «كبش» على شان «يذبح أبوه» يوم العيد، تلبية لرغبة أصغر أطفاله الذي يلح على أبيه أن يأتي بكبش ولو غير سمين حتى «نذبح أبوه» صبيحة يوم الذبح. حين انتظر الصغار أن يعود الأب بكبش فاجأهم بكثرة، وعاد محملاً بهزيمة ثقيلة جعلت رأسه ينكس إلى أسفل من أسفل سافلين، وفي صدره نهدة محبوسة لم تعرف الطريق إلى الدنيا وبقيت تنخر قلباً يكدس الهزائم من كل نوع ومقاس. الآلاف العشرة التي أمكن الرجل اقتراضها من صاحب «المقهاية» التي يعمل فيها لم تكن كافية إلا لشراء نصف كبش لا أكثر، وهي فكرة جيدة على كل حال ويمكن الإستفادة منها وتوفير قدر لا بأس به من اللحم لزوم العيد. ما يحز في نفس الرجل ليس هذا، بل أنه لن يتمكن مطلقاً من الوفاء بوعده وتلبية رغبة طفله الصغير: أن «يذبح أبوه»!!. لا أعرف كيف عالج الرجل الأمر، ولا إن كان الصغير قد قنع بذبح دجاجة أو حتى أربع دجاجات عوضاً عن «بعااع» واحد لا أكثر! ما أعرفه جيداً هو أن بسملة لا تحمل في رأسها المواتي لمصالحي خياراً أو فكرة كهذه، ولا أخوها الأصغر يود أن نذبح له كبشاً ولا «أبوه»، أما الصغيرة «تسبيح» فهي منشغلة عن آخرها بتمزيق كتبي ومحاورة أمها حول قضايا مختلفة ليس منها ذبح بقرة أو كبش، أعتقد أن حليب «الكيكوز» يرضيها حتى اللحظة. هذا لا يغير شيئاً في أمر حرقة كبيرة تقتحم القلب دون إذن مسبق، كلما سمعت أو رأيت أباً يشكو وطفلاً يبكي وأماً تذرف الدمع وترجّي السماء مطراً. أنتم أيضاً غير قادرين ولا مستعدين للتضحية بإنسانيتكم التي هي أثمن ما تملكون، وأرى أنكم تستطيعون أداء مهمة نبيلة وتحتاجونها الآن ودائماً: تلسموا جيرانكم من الفقراء والمعسرين، وتذكروا أطفال الجيران وأنتم تسعون في اسعاد وإشباع أطفالكم، حاولوا ولو مرة أن تحققوا لطفل ما رغبته في كبش «يذبح أبوه»، أو أبوه هو من سيذبحه، افعلوا ذلك وأنتم الكاسبون. شكراً لأنكم تبتسمون