هناك ما يشبه الحرب بين الكثير ممن يبيعون وبين المشتري.. هذه الحرب لا تنفع معها لجنة تقييم الظواهر الاجتماعية. ليس الثأر ولا تداعيات الأزمات السياسية ودورات الصراع تحتاج وحدها إلى لجنة، وإنما نحتاج إلى لجان شعبية على مستوى الأحياء تحد من فوضى الأسواق وتنفي الأساس الخاطىء الذي يعتبر البيع والشراء حرب المؤمنين. سبحان الله .. مؤمنون يؤصلون لحروب التعامل فيما بينهم. جزار يطفف في الميزان إمّا تلاعباً بالوزن أو غشاً فاضحاً في اللحمة.. صاحب بقالة يمارس الغش والتدليس على زبائنه.. يرفع قيمة السلع بسبب وبدون سبب ولمجرد سماعه عن نية لرفع سعر سلعة أو حديث عن نية عند المنتج وتاجر الجملة.. انحسار مستمر لحجم الرغيف والروتي تلاعب بالمواصفات.. بالتعبئة.. كل هذا مشفوع بالاعتقاد بأن الأمر مجرد شطارة. هذا الحال دفع هو الآخر بعض المشترين إلى افتراض أن كل من يبيع سلعة هو مفترٍ.. وهات يا جدل وبخس الناس أشياءهم.. كيف وهي حرب بين المؤمنين البائعين والمشترين. كل هذا وموجهو الرأي العام في المساجد والإذاعة والصحف والموعظة «السفري» في غيبوبة عن الدعوة إلى الربح الحلال، والتأكيد على أن الدين المعاملة، وأن السماحة في البيع طريق للسماحة في الشراء. جهالة وسوء فهم وعدم ثقة.. أطماع وانتهازية وهات يا شكاوى ومحذاقة وبخس للسلعة.. بخس لقيمتها.. تقليب في سلع لا تحتمل التقليب والتلويث. لقد وصل الحال حداً يقتضي أن تكون خطب اليوم من النوع الذي ينفي أن البيع والشراء حرب المؤمنين وأن الحرب الحقيقية المطلوبة هي الحرب من أجل إحياء ضمير الضابط الأخلاقي في الذي ذهب مع الريح، وطال انتظارنا عودته.. جمعتكم مباركة.