حتى قبل أن يكتب الطيب صالح «موسم الهجرة إلى الشمال».. هاجر اليمني إلى الشمال بعد أن كان يهاجر إلى الغرب على طريقة مغناة «البالة» والباخرة التي تحمل جلود البقر.. ستلاحظون أن الهدف هو الهجرة الحديثة وليس هجرة ما بعد خراب السد وحكاية الفأر اللعين. المهم.. قلة من الذين اغتربوا حققوا الفائدة واستثمروا الغربة والغالبية.. اغتربوا وعادوا.. مرات ومرات ولم يؤسسوا شيئاً للمستقبل. في سبعينيات القرن الماضي كانت الطفرة النفطية وكانت التسهيلات وكانت الفرص.. لكن اليمني كان يترك أسرته ويغترب فقط ليعود بمسجلة وما تيسر من البطانيات والهدايا وفي أحسن الحال يبني ديواناً يمضغ فيه قات ما بعد العودة من بلد الاغتراب فإذا انتهت فلوس الغربة سافر ليكرر الاسطوانة الاستهلاكية. عقب الغزو العراقي للكويت كانت ذروة الغضب على المغترب اليمني فعاد من دول الخليج ما يزيد عن المليون.. جميعهم كانوا مصدر تحويلات تعيش عليها ملايين الأفواه في الداخل. انسد باب كبير للدخل وظهر تأثيره السلبي على اقتصاد الأسرة واقتصاد البلد. وامتصت البلاد الصدمة الكبيرة.. لكن بقي السؤال: ماذا لو كانت هناك جهة شديدة الاتصال بالمغتربين .. توعيهم.. تكشف لهم خطورة أن يغترب المواطن دون أن يكون عنده أي حس توفيري أو استثماري يساعده على مواجهة عاديات الزمن. لقد أضاعت شريحة واسعة من الناس أعمارها في اغتراب لم تطل منه على شيء ذي أهمية بسبب الاعتقاد بإمكانية تجدد فرص الاغتراب وفرص الحصول على العمل وهو ما لم يتوفر بعد أن تغيرت السياسات والظروف والقلوب أيضاً. وللتناولة بقية