يوم أمس لم تكن «دوعن»، المديرية الحضرمية «الحااالية»، والشهيرة باحتضان أفخر النحلات اليمنية تقطر «شهداً» كعوائدها. الدم هو الذي سالت قطراته هناك، ومن فصائل بلجيكية، قصدت المديرية بغرض النزهة والاستمتاع بالتاريخ هناك. لم تكن جمعة 15 سائحاً بلجيكياً «مباركة» أمس، ولم تحافظ حضرموت على وداعتها ومثاليتها كما توصف، والسبب في ذلك «شاص» شرير، مطلي بالرمال و «الزيت الحارق»، كما وصفها شهود عيان. للسياحة في بلادنا قصة عجيبة: يتعرض السياح لاعتداءات إرهابية متفاوتة، يموت البعض وينجو من يحالفهم الحظ. يعزفون عن زيارة بلدنا لشهور ويعودون إليها بقوة، حاملين معهم أفواجاً متضاعفة، ليؤكدوا بأن «حب اليمن» لايمكن أن يزحزحه أو يقضي عليه «شاص» أمام ملكات النحل في دوعن أو «صالون» بجوار ملكة بلقيس ومعبدها في مأرب. عن قناعة تامة يعزم أولئك الطيبون السفر إلى بلادنا متناسين أحداثاً إرهابية حدثت لزملائهم هنا، وغير عابئين بتحذيرات حكوماتهم من خطورة قرار زيارة «اليمن السعيد»، لكننا لانقدر ذلك. لم نفق بعد من حادثة مقتل السياح الإسبان في مأرب، الحادثة الأشد بشاعة، وهزت عرش بلقيس، حتى نجد أنفسنا أمام حادثة دوعن ومع سياح بلجيك. لماذا لم تتعظ الوزارة من الأحداث السابقة، وتكثف حماية السياح الوافدين إلى بلدنا، تصونهم ك «ضيوف عندنا» على الأقل، إن كانت لا تدرك أنهم من أهم روافد الاقتصاد الوطني والوريد الذي ينعشه بقوة. وزارة السياحة في كل بلدان العالم، لا يقتصر واجبها على بيانات التنديد والشجب، والتعبير عن الأسف الشديد لمقتل السياح، عليها تدارك الأمر واتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لحماية قطاع السياحة في بلادنا من جماعات تتربص به باستمرار، تنمية، والمحافظة على ذلك النمو. عليها أن تنسق مع كل الجهات المختصة في المحافظات، لحماية زوار اليمن، ضيوفه الأجانب، لا أن «تغلق الأسطبل بعدما يُسرق الحصان» - كما يقول المثل - وتؤكد بأن الحادث أليييم، ولا يتناسب مع أعراف وتقاليد شعبنا وديننا الإسلامي .. الحنيف.. جميعنا يعرف أن أحداثاً كهذه «أليمة» وتتنافى مع تقاليدنا، حتى وإن حدث الأمر مع «شاقي يمني»، يقتل بعيداً عن أسرته ومحافظته، فما بالكم بسائح قطع المسافات الطويلة، وصرف الدولارات من أجل زيارة بلد سياحي، وفي النهاية يكون «وجبة شهية لشاص». «حرام يموتين» في آخر حادثين تعرض لهما السياح الأجانب في بلادنا، في مأرب بداية شهر يوليو من العام الماضي، وفي دوعن يوم أمس، كانت «السائحات»، أكثر الضحايا. سقوط ضحايا سائحات - وجميلات بالتأكيد - أمر يعمق من نسبة الحزن لدى الجميع على العكس لو حدث ذلك مع «سياح»، وذكر اسمائهن «الأنيقة» في وسائل الإعلام من «ماريا تريزا» و «ماريا كيم» في مأرب، و «كاترين كلورين» و «كلورين بانكولي» في دوعن، يرفع من منسوب الحزن إلى أعلى درجاته. أعتقد أن الإرهابيين - وإن كانوا أشد تطرفاً - وعداوة للبسهن وديانتهن، لن يرتكبوا فعلتهم الشنيعة إذا هم عرفوا أنهن يحملن أسماء أكثر رقة وجاذبية. رحمهن الله.. وألهم أهلهن ووزارة السياحة الصبر.