احتمال أن تتحول إيران إلى دولة نووية مقرون واقعياً بكونها دولة إسلامية متشاطئة مع العرب في دول الخليج العربي ومتواشجة مع الجغرافيا التاريخية والدينية للجزيرة العربية والعالم العربي بكامله، الأمر الذي يعكس البُعدين معاً، فإيران النووية احتمالاً هي إيران خليجية بامتياز، وهذا يعني أن ما يجري في إيران ينعكس على دول مجلس التعاون اليوم وغداً وبعد غد، والانعكاسات المحتملة تقاس بترمومتر التوتر في العلاقات بين إيران والإدارة الأمريكية الراهنة التي تلهث وراء حرق المراحل قبل الزوال المحتمل لعرّابيها المتصهينين في الانتخابات الرئاسية القادمة، وبالمقابل لا تُخفي طهران نواياها المتعلقة بالإقليم الجغرافي المجاور إذا ما شنت الولاياتالمتحدة حرباً «نارية» على إيران، فقد صرحت القيادات الإيرانية أكثر من مرة بأن دائرة الحرب لن تقف عند تخوم الحدود الإيرانية، وأن حركة التجارة الدولية عبر مضيق هرمز ستكون عرضة للتوقف، فيما تصبح آبار النفط العربية في الضفة الأخرى من الخليج مساحة إضافية لتدوير معادلة الحرب. خلال الأيام القليلة الماضية تسارع ماراثون الكر والفر بين إدارة بوش وطهران، فبالقدر الذي تزايدت فيه الضغوط الدبلوماسية الأمريكية على إيران، سارعت إيران في تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل لتصل إلى «منزلة بين المنزلتين»، فإذا تأمنّ إمكانية الإنتاج النووي الإيراني لأغراض سلمية، فإن اختصار المسافة الزمنية بين الإنتاج السلمي والحربي ستصبح من باب تحصيل الحاصل، فإيران تتوفر الآن على ثلاث منشآت نووية عملاقة، وتنجز المزيد والمزيد من التقدم التقني على درب التخصيب وإنتاج الماء الثقيل، وتشارف عملياً على اختصار المسافة بين الجنة والنار؟؟، بين فوائد الإنتاج النووي السلمي، والنيران الحارقة المميتة للإنتاج النووي الحربي!. هذه الحقيقة الموضوعية التي ترتعب منها «إسرائيل» وضعت إدارتي البيت الأبيض وتل أبيب في مأزق حقيقي، فيما بادر حكماء أوروبا الغربية إلى تقديم النصائح العملية لإدارة بوش المتفلتة، فقد صرح رئيس الوزراء الإيطالي «رومانو برودي» ناصحاً الإدارة الأمريكية بالبحث عن طريق آخر لمعالجة المشكلة النووية مع إيران، وهكذا فعل وزير الخارجية الفرنسي مستبعدين معاً خيار الحرب ومعتبرينه أسوأ الخيارات وأكثرها مدعاة للقلق.