أجواء ديمقراطية تنافسية شهدتها القاعة الرئيسة بمجلس النواب صباح الاثنين الماضي صاحبت عملية انتخاب رئيس جديد للمجلس خلفاً للشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر وهيئة جديدة للمجلس في تقليد ينم عن حس ديمقراطي رفيع ووعي انتخابي في غاية الجمال والروعة احتكم فيه نواب الشعب لصناديق الاقتراع في منافسة شريفة عبر الاقتراع السري الحر والمباشر دونما تعيينات مباشرة وفور الإعلان عن نتائج الاقتراع سادت حالة من الارتياح والقبول بنجاح هذه العملية الديمقراطية من كل الأطراف وتبادل الفائزون والذين لم يحالفهم الحظ عبارات التهاني والشكر على المستوى الذي جرت عليه الانتخابات والأجواء التنافسية والشفافية المطلقة التي صاحبت عملية الاقتراع والفرز. ٭وبعد الانتخاب ومباشرة هيئة الرئاسة الجديدة مهامها الرقابية والتشريعية يتطلع أبناء الشعب منها التعاطي بشكل عاجل مع القضايا الجوهرية ذات الصلة بمعيشتهم وتحسين أوضاعهم المعيشية والاقتصادية ويأتي في مقدمة ذلك إعادة دعم المواد الاستهلاكية الرئيسة «القمح والدقيق والسكر والأرز» للحد من أزمة الغلاء المتفاقمة يوماً بعد آخر ولما من شأنه تخفيف الأعباء التي تثقل كاهل المواطنين من الفقراء والمعدمين وذوي الدخل المحدود. ومايبعث على التفاؤل هي تلك الكلمة الهامة التي ألقاها الأخ يحيى الراعي رئيس مجلس النواب عقب فوزه برئاسة المجلس والتي ضمنها المنطلقات الرئيسة لهيئة رئاسة المجلس وأعضاء المجلس في المرحلة القادمة في متابعة تنفيذ الأعمال والمهام المطروحة أمام المجلس والحرص على تلمس احتياجات أفراد الشعب والتعاطي معها بمسؤولية وحث الحكومة على الاهتمام بها ومتابعتها أولاً بأول انطلاقاً من المهام الرقابية المنوطة بعمل المجلس. ٭ولعل دعوة الراعي لكافة أعضاء مجلس النواب بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الحزبية لتغليب المصلحة العليا للوطن والتكاتف والعمل بروح الفريق الواحد وتجاوز المماحكات والمناكفات السياسية والحزبية الضيقة تعطي حالة من التفاؤل لدى الشارع اليمني في إمكانية حصول حالة من التوافق والرؤى والأطروحات المشتركة فيما بين الأعضاء خدمة للمواطنين وإعلاء للمصلحة العليا للوطن التي حلف الجميع اليمين على تغليبها والعمل من أجلها عند مباشرتهم العمل داخل البرلمان بعد انتخابهم من قبل أبناء الشعب. ٭وبنجاح انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب السلطة التشريعية والرقابية الأعلى في البلاد وبهذه السلاسة والديناميكية الفريدة تكون بلادنا قد قدمت للعالم صورة مثلى من صور المنهج الديمقراطي الأكثر تميزاً والذي يثبت للعالم علو كعب الديمقراطية اليمنية الناشئة وتجذر النهج الديمقراطي في كل مراحل العمل السياسي في اليمن والتي غدت معها مدرسة تصدر للآخرين دروساً في الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير، رغم حداثة التجربة الديمقراطية اليمنية التي لاتكاد تتجاوز ال 17 عاماً إلا أنها استطاعت فرض نفسها وبقوة في قائمة الدول الديمقراطية على مستوى العالم بعد انتخابات مجلس النواب وانتخابات أعضاء المجالس المحلية والوصول إلى انتخاب المحافظين ومديري المديريات في سلوك ديمقراطي يمثل الأنموذج الأكثر نضجاً واكتمالاً في فضاء الديمقراطية الرحب والواسع ومروراً بانتخاب رئيس الجمهورية عبر الانتخاب الحر والمباشر في انتخابات تنافسية من قبل أبناء الشعب في عملية أجمع المراقبون الدوليون على نزاهتها وشفافيتها. ٭وليس ذلك غريباً على أبناء يمن الإيمان والحكمة فالشورى والديمقراطية والحرية متجذرة في سلوكياتهم منذ حقب زمنية بعيدة جاء ذكر شطر منها على لسان الملكة بلقيس في سورة النمل وطلبها الرأي والمشورة من مستشاريها للرد على رسالة نبي الله سليمان عليه السلام. وأمام هذه القفزات والتحولات الديمقراطية يحتم علينا جميعاً الحفاظ عليها وتشذيبها من أي ممارسات أو أخطاء قد تعتريها وهي مهمة كل اليمنيين في السلطة والمعارضة فاليمن ملكنا جميعاً ولايمكن في أي حال من الأحوال أن نفرط في مكتسباته الديمقراطية والتنموية وهو المعول من الجميع.