تحاول اليمن أن يربطها بشقيقاتها الدول العربية علاقات مميزة، وهي تسعى في سبيل ذلك من خلال جهود حثيثة في تماسك الصف العربي، وقشع الضباب الذي يتنقل للأسف من بلد إلى بلد، بفعل ظروف كثيرة لا مجال هنا لحصرها، لكثرتها. الواقع يثبت أن الدول العربية دون استثناء قبلية، لم ترغب في بناء مؤسسي، فتكون العلاقات، بموجبها وسالبها خاضعة لأمزجة عابرة، وأي سوء فهم قد يغير إيجابية هذه العلاقات إلى أسوأ مراحل السلب، كما حدث للعلاقات اليمنية - الخليجية إبان غزو صدام للكويت، وهي حماقة صلفة. فلقد أعلنت اليمن عبر القمة العربية حينذاك أن الدول العربية هي المعنية بإخراج صدام من الكويت، وأنه آن الأوان لتفعيل مجلس الدفاع العربي المشترك، وبناء على ذلك فلا مجال للدول الأجنبية أن تتدخل في الشأن العربي، بل إن اليمن يرفض أن يكون حضوره في هذه القمة مجرد موافقة على احتلال الأجنبي للعراق. ولولم تكن هناك نية مبيتة، نعاني من عذاباتها، والشعب العراقي أول من يعاني حتى اللحظة، لكان فُهم موقف اليمن، بل أعلنت اليمن رسمياً أنها تدين احتلال العراق لوطن عربي شقيق هو الكويت، وأرسل الرئىس أكثر من وفد إلى العراق يحذر صدام من مغبة هذا التصرف، بل اقترح الرئىس أكثر من مرة عبر زيارات عربية وإرسال وفود بطرق عديدة لتلافي ما يترتب عليه غزو صدام للكويت. وللأسف فإن دولاً شقيقة روّجت لسوء فهم حصل بين اليمن وبعض أشقائها، تلبية لمصالح يعرفها الجميع، وهي مصالح مادية تتمثل في رفد ميزانية تلك الدولة أو هذه على حساب سوء الفهم هذا. المهم أن علاقات اليمن بأشقائها العرب، خاصة الخليجيين أصبحت طيبة، وكشفت الأيام أن اليمن لم يكن ولن يكون إلا صادقاً في تعاملاته، ثابتاً في مبادئه، التي منها احترام خصوصيات الآخرين، والتفاعل مع القضايا القومية، والمضي في تجاوز الحساسيات التي حصلت وقد تحصل في قابل الأيام!!. إن اليمن وأشقاءها العرب يواجهون اليوم ظروفاً صعبة، مما يقضي تجاوز الماضي الكئيب، ومن حق الشعوب على زعمائهم أن يعمقوا في أوساطهم المحبة، وبذل المعاملة الحسنة، فالزعامات ماضية، وقد تسبب بعض اجراءات كراهية لا يمكن محوها بين شعوب هي أحوج ما تكون إلى التعاون والعمل المشترك، الذي يدفع بالجميع نحو سعادة حقيقية.