حذرت في عمود سابق، وقبل فترة من الهجمة الصهيونية المسيئة إلى الإسلام «كتاباً، ورسولاً، ومسلمين»، ونوهت أن المخطط الذي وضعه مؤدلجو الصهيونية والمسيحية المتصهينة قد جُدول على شكل جرعات تتخللها فترات من الهدوء والراحة.. وذلك لاعتقادهم أن الذي لا يسهل هضمه جرعة واحدة، وتقبله دفعة واحدة، يمكن أن يهضم ويُتقبّل إذا أتى على جرعات متعددة، خاصة حين تكون المسألة ترمي إلى تغيير التفكير والعقيدة لجماعة أو شعب أو مجموعة من الشعوب. هاهي صحف «دنماركية» تعاود نشر رسوم تسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد فترة من الهدوء والراحة التي تلت الهجمة المسيئة الأولى للرسول الأعظم من قبل عدة صحف في العديد من البلاد الأوروبية دون أن تحرك الحكومات الأوروبية ساكناً، رغم الغضبة الشعبية التي شملت العالم الإسلامي والمسلمين في بقية العالم.. الحكومات الأوروبية رأت أن ذلك لا يعبر عن مواقفها ورؤيتها الرسمية، وأنها في ظل النظم الديمقراطية لا تملك القدرة على اتخاذ إجراءات ضد الصحف المسيئة، كون ما أقدمت عليه هو حق من حقوق الديمقراطية. على أي حال، في الغرب لا شيء عندهم مقدس من الأديان والرسل والأنبياء.. إنهم يتناولون بالنقد والإساءة دون أي خطوط حمراء أو قداسة لدين أو نبي أو رسول أو رئيس أو ملك أو شعب.. وهم يدركون تماماً أننا أبناء الإسلام، مهما أساؤوا إلينا عقيدة ورسولاً وشعوباً، أننا لا يمكن، بل يستحيل أن نسيء إلى «عيسى» أو «موسى» أو أي من الأنبياء والرسل، لأننا نعترف بنبوتهم ورسالاتهم، ونؤمن بهم عليهم السلام.. لأن ديننا الخاتم قد أعلمنا بنبوتهم ورسالاتهم، وأمرنا أن نؤمن بهم ونضعهم ضمن المقدسات.. وعليه فإننا أبناء الإسلام نرفض حتى من يسيء إليهم ممن يتبعهم ديناً. لقد واجهت البلاد الإسلامية والمسلمون «الإساءة في المرة الأولى» بالمسيرات والمظاهرات والمهرجانات والمقاطعة والشجب والاستنكار والاحتجاج.. إلا أن ذلك لم يردع الصحف والمؤسسات الصحفية الأوروبية عن الإساءة ل«رسول الله» صلى الله عليه وسلم، الذي لن يطالوه أو يمسوه بإساءاتهم، لأنه أبعد من أن ينالوا منه بأية إساءة.. إنما تقوم به الصحف الأوروبية ليس سوى استهتار وإساءة للمسلمين وإذلالهم، وتشكيك بمعتقدهم لإضعاف إيمانهم، فيهنوا ويضعفوا أمام الابتزاز الإمبريالي الغربي. ردود الأفعال الشعبية والمقاطعة مع أنها خطوات سليمة وإيجابية، لكنها لا تُوجع الغرب، بل لابد من إجراءات رسمية، كتعليق العلاقات الدبلوماسية مع تلك البلدان، ومقاطعة التعامل مع طيرانهم وسفنهم في الموانئ والمطارات العربية، وإيقاف أي عقود نفطية معهم حتى يعتذروا ويكفوا عن الإساءة للمسلمين «كتاباً، ورسولاً، وشعوباً».