جسد الرئيس علي عبدالله صالح مواقف قومية سيسجلها التاريخ بأحرف من نور من خلال رعايته الكريمة لتوقيع إعلان صنعاء لإنهاء القطيعة وفتح صفحة أخوية بين الأشقاء في حركتي فتح وحماس اللتين تعتبران حركتين ثوريتين يعلق عليهما الشعب العربي الفلسطيني كل آماله لرفع الحصار ووقف العدوان وتخفيف المعاناة والحد من البطالة والفقر ووقف الاستيطان ورفع الحواجز وفتح المعابر الحدودية والداخلية والحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفق برنامج وطني يعتبر ميثاق شرف لكل الفصائل ويؤكد حق العودة ورفض مشاريع التوطين في دول الشتات.. حقيقة لم أؤمن ذات يوم بمشاريع التسوية واتفاقية أوسلو حيث مازالت قناعاتي القومية والاسلامية بعروبة فلسطين من البحر المتوسط إلى نهر الأردن وأن الكيان الصهيوني هو قاعدة استعمارية لتخزين أسلحتها المحرمة دولياً ورأس حربة بها تهدد وتبدد إمكانيات الأمة العربية من خلال حروب استنزاف حيث تعيق مشاريع التنمية المستقلة عن التبعية للقوى الرأسمالية التي تحتكر ثروات وموارد الشعوب العربية والإنسانية حيث تصب تلك الثروات بيد الشركات الرأسمالية الاحتكارية المتعددة الجنسيات التي تعتبر ملكاً للمحافظين الجدد وما يعرف بالمسيحيين الصهاينة وهذه الشركات الاحتكارية هي الشريان الذي يغذي جيوش الاحتلال لذلك فالمشروع التحرري يشمل الجيوش والشركات التي تجسد العبودية من خلال استغلال ونهب الثروات والموارد وتعمل على احتلال الأوطان واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وفي مقدمة ذلك التراب الوطني الفلسطيني لكن الواقع الدولي وغياب موازين القوى وانفراد القطب الأمريكي بكل ثروات وموارد الإنسانية دون منافس أو مقاوم خاصة في ظل هيمنة المسيحيين الصهاينة أو ما يعرف بالمحافظين الجدد على الإدارة الأمريكية وامتلاكهم للشركات الاحتكارية العالمية المتعددة الجنسية حيث تعمل على احتكار كل الثروات العالمية.. خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبقية دول المنظومة الاشتراكية. لذلك أنا لست مع الذين يعملون على إلغاء دور حركة فتح وتجاهل دورها التاريخي في قيادة الثورة الفلسطينية خلال نصف قرن فالوضع العربي المأزوم.. هو من أوصل منظمة التحرر الفلسطينية وحركة فتح إلى مشروع التسوية السلمية والمطالبة بتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية التي تنص جميعها على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق العودة للاجئين الفلسطينيين في كل أصقاع المعمورة. لذلك تعتبر حركة ثورية تمثل الشرعية الفلسطينية في كفاح شعبها لنيل الاستقلال والحرية والانعتاق من المشروع الاستعماري الصهيوني الذي ترعاه الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا....إلخ فهي تسعى للحصول على الممكن في ظل ترهل النظام العربي وهيمنة القطب الواحد على كل ثروات وموارد الإنسانية. لذلك نستطيع التأكيد على مشروعية المقاومة الفلسطينية كخيار استراتيجي يعزز المشروع التفاوضي ويحافظ على الثوابت الوطنية والحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة اللاجئين. لذلك لا نستطيع القول إن حماس في تأكيدها على استمرار مشروع المقاومة بأنها حركة لا تخدم الشعب العربي الفلسطيني حقيقة إن المقاومة هي صمام أمان ودرع حامٍ للشعب الفلسطيني في سعيه لانتزاع حقوقه في الحرية والاستقلال لكن علينا القول لكل الفصائل بأن الوحدة الوطنية للشعب وللفصائل هي أكبر درع لحماية مشروع المقاومة ومصدر قوة للمفاوضين وفق قرارات الشرعية الدولية لأن العالم لن يقدم دعمه كهبة لمشردين وإنما يقدمها في إطار حكومة لشعب راسخ رسوخ الجبال الشامخة في انطلاقه لانتزاع حريته من الجلادين وإعلان دولته المستقلة. فالوحدة هي صمام الأمان أما ما حدث من اقتتال سقط فيه آلاف القتلى والجرحى واستهدف الطاقات الشابة والحيوية لكلا الحركتين فتح وحماس لا يخدم إلا العدو فبالوحدة والمقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية واعتبار الدم الفلسطيني خطاً أحمر يكون الأشقاء قد حققوا مكسباً جديداً يدفع للانطلاق في انتزاع الحقوق والحريات التي كفلتها كل الرسالات السماوية والقوانين الدولية وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للفصائل وإعادة البناء بحيث تكون الترتيبات قادرة على الاستمرارية في العمل من أجل إنجاح المشروع الوطني الفلسطيني فالمفاوضات والتسوية السلمية هي تجسيد لقرارات الشرعية الدولية والقوى العظمى التي رعت تلك الاتفاقيات ولا تتعامل إلا في إطارها لذلك لا بُد من تلازم المشروعين المقاومة والتفاوض بحيث تكون لدى المفاوض أوراق للضغط يستطيع من خلالها الحصول على المزيد من المكاسب. كما أن عمليات المقاومة يجب أن تكون عمليات مدروسة وناجحة بحيث تكون عمليات نوعية لا أن تكون عمليات انتحار لا يستفيد منها إلا العدو في الحصول على الشرعية برد الفعل من خلال تدمير كل مؤسسات السلطة الوطنية وتدمير البنية التحتية وتدمير الاقتصاد الفلسطيني وإبادة الشعب الأعزل لذلك يجب أن تكون المقاومة وفق مشروع وطني تحرري تديرها مرجعية وطنية كما كان يفعل الشهيد القائد للثورة الرئيس ياسر عرفات. وكإنصاف للتاريخ ولحركة التحرر الوطني فتح إن الفتحاوي طيلة نصف قرن لم يوجه سلاحه تجاه أشقائه ويعتبر الدم الفلسطيني خطاً أحمر لذلك نعلق كل أملنا ومعنا كل الأمة وكل أحرار العالم على الوحدة الوطنية وإلغاء الخطاب التعبوي القائم على الحقد والكراهية والتكفير للآخر الذي تسبب في سقوط آلاف القتلى والجرحى فيكون الخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني والكاسب الوحيد هو العدو الصهيوني لذلك لابُد من تطهير القلوب من الحقد ولابُد من إعادة البناء النوعي للفصائل وأجنحة المقاومة ولكن على حماس أن تتعامل مع قرارات الشرعية الدولية ومع الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني برؤية عقلانية والحفاظ على الثوابت الوطنية أما لغة الاقتتال والتكفير والتخوين بين رفاق السلاح فمرفوض لأنه لا يخدم إلا العدو الصهيوني.. على الجميع أن يعمل على الحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني ورفع الحصار وتغليب لغة الحوار على لغة البندقية والرصاص الذي يجب أن يوجه لصدر العدو لا لصدور الأخوة الأشقاء. فعليكم اليوم تقع مسؤولية تنفيذ اتفاق صنعاء وفق قواعد وأسس وطنية تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه وتمكنه من إعلان دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.