احتفلت بلادنا مع سائر بلدان العالم الأسبوع المنصرم باليوم العالمي للمياه، وقد أقيم بالمناسبة احتفال في مدينة تعز التي تشهد أزمة خانقة في المياه حيث إن عدد الآبار التي تغذي المدينة بالمياه ستون بئراً فقط من إجمالي الآبار الموجودة «120» بئراً أي أن نسبة ما يتم انتاجه من المياه «%50» فقط.. ذلك ما أكده المهندس عبدالقادر حاتم وكيل محافظة تعز للشئون الفنية والبيئية في كلمته التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اليوم العالمي للمياه.. فيما أكد الدكتور عبداللطيف المنيفي مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في محاضرة له بالمناسبة أن الأحواض المائية العالمية والمحلية تعاني من سرعة نضوب مخزونها من المياه بسبب عدم التوازن بين ما يستخرج منها والتغذية لها.. أما المهندس عبدالصمد محمد يحيى مدير عام فرع الهيئة العامة للموارد المائية فقد أكد في كلمته بأن عدم الترشيد في استعمال المياه وغياب الثقافة البيئية سيؤدي حتماً إلى تعميق أزمة المياه أكثر فأكثر. احتفال محافظة تعز بمناسبة اليوم العالمي للمياه تزامن من قيام وفد ماليزي بزيارة للمحافظة للتباحث حول إعداد دراسة أولية لتحلية المياه من البحر وتنفيذ الدراسة الخاصة بمشروع شبكة الصرف الصحي للمنطقتين الشمالية والغربية لمدينة تعز. وقام الوفد الماليزي بزيارة استطلاعية لمدينة المخا بهدف التعرف على طبيعة المنطقة ومدى امكانية انشاء محطة التحلية فيها. انشاء محطة تحلية لمياه البحر في المخا لتزويد مدينة تعز بالمياه النقية هو المخرج الوحيد لإنقاذها من كارثة قادمة بسبب نضوب مياه الآبار المتبقية ال«60» بئراً من إجمالي الآبار المائة والعشرين التي كانت تغذي المدينة بالمياه.. وموضوع محطة التحلية تم طرحه منذ سنوات عدة ولكن مشكلة التمويل وقفت حجر عثرة أمام عملية التنفيذ وفي العام المنصرم 2007م ظهرت بوادر الأمل بإمكانية تنفيذ هذا المشروع الحيوي الهام، حيث صدرت تصريحات لقيادة السلطة المحلية بأنه قد تم إنجاز الدراسة وأن مستثمرين من المملكة العربية السعودية سيقومون بتنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات.. ففي شهر أغسطس وأثناء لقاء جمع المحافظ رئيس المجلس المحلي آنذاك القاضي أحمد عبدالله الحجري مع قيادات فروع الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وتحديداً في 13 أغسطس 2007م.. وكذا لقاء آخر له مع الإعلاميين والصحفيين في 20 من نفس الشهر أكد أن الدراسة الخاصة بإنشاء محطة التحلية لمياه البحر في المخا قد تم تنفيذها وأن مستثمرين سعوديين سيصلون إلى صنعاء للقاء وزراء التخطيط والتعاون الدولي والمالية والمياه والكهرباء للتفاهم حول تنفيذ المشروع. وقال المحافظ السابق إن المستثمرين السعوديين أكدوا أثناء لقائهم الأخ عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية أن المشروع سينفذ خلال ثلاث سنوات وأن الأخ النائب طلب أن يتم الاسراع في عملية الإنجاز خلال سنتين نظراً للوضع المائي الصعب الذي تعانيه مدينة تعز ولا ندري ما الذي حدث مع المستثمرين السعوديين ومصير الدراسة الخاصة بمشروع التحلية حتى فوجئنا نهاية الشهر الماضي «مارس» بزيارة الوفد الماليزي برئاسة السيد حجي زين بن عمر رئيس الوحدة الخاصة لمشاريع ما وراء البحار للتباحث حول تنفيذ دراسة خاصة بمشروع التحلية لمياه البحر من المخا وهو ما يعني أنه سيتم إعداد دراسة جديدة بدلاً عن الدراسة السابقة التي كان المحافظ السابق قد أعلن عن إنجازها وهذا معناه مزيداً من الانتظار لسنوات عدة قادمة لا يعلم إلا الله كيف سيكون الوضع المائي لمدينة تعز خلال السنوات القليلة القادمة خصوصاً في ظل شحة الأمطار ونضوب مياه معظم الآبار التي تغذي المدينة بالمياه سواء التابعة للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي أو الأهلية، وكذا بوادر نضوب المياه في آبار وادي الضباب الذي لم يعد كما كان في الماضي «الماءغزير سكاب» كما وصفه الشاعر المرحوم عبدالله عبدالوهاب في قصيدته التي غناها الفنان أيوب طارش ومطلعها : «وادي الضباب ماءك غزير سكاب». فقد نضبت المياه منه بسبب الحفر العشوائي للآبار التي يتم شفط مياهها لبيعه على أصحاب «الوايتات» الذين يقومون ببيعه في مدينة تعز بأسعار كبيرة، حيث وصل قيمة الوايت إلى ألفين وخمسمائة ريال أما في بعض المناطق الريفية فقد وصل سعر «التانكي» الصغير المحمول على سيارة هيلوكس إلى خمسة آلاف ريال، كما أكد لي أحد المواطنين من أبناء منطقة المنعم بمديرية جبل حبشي.. ذلك على سبيل المثال فقط لما وصل إليه الحال من أزمة خانقة في المياه في تعز بسبب نضوب معظم الآبار والغيول جراء تأخر هطول الأمطار، وسوف تتفاقم الأزمة بصورة أكبر في مدينة تعز إذا لم يتم الاسراع في إنجاز مشروع محطة التحلية لمياه البحر سواء من قبل مستثمرين سعوديين أو خليجيين أو بتمويل من الأشقاء في ماليزيا أو حتى بقرض من البنك الدولي .. المهم هو إنجاز المشروع وإنقاذ سكان مدينة تعز من كارثة العطش.