في الأمس اشتعلت الحرب في لبنان؛ بدلاً من الحوار، ونخشى أن يكون الكيان الاسرائيلي قد حاول أن يحقق على أيدي اللبنانيين ما لم يستطع تحقيقه في تموز يوليه قبل سنوات. ما يحصل في لبنان الآن هو تنفيذ لسياسة دولية أشمل وأعمق مما يجرى في السطح؛ غير أنه - من وجهة نظري - ما حصل في بيروت ربما يكون «تنفيساً» إيحابياً لبالونة التجاذبات السياسية، وتفجيراً لاحتقان طال أمده ليبدأ الحوار الفعلي الذي يخدم لبنان والمنطقة بشكل عام. نأسف لما حدث من سقوط الشهداء والجرحى وترويع الآمنين، وبذات الوقت هل يمكن أن تكون هذه البداية أشبه بعملية جراحية لجسد طال مرضه؟!. إن أمل الأمة ألا يسقط لبنان من جديد في هاوية المآسي التي سقط فيها من زمن غير بعيد، وواجب الزعماء العرب أن يهبّوا لنجدة تمليها عليهم العروبة، على الأقل لإنقاذ لبنان، هذا الوطن الجميل، الذي هو الجانب المشرق المضيء من حياتهم، حياة الزعماء. وهم إن فعلوا ذلك فإنما يحافظون على مصالحهم أولاً، حيث استثمارات بعضهم، وهي مهولة، وحيث - وهذا هو الأكثر أهمية - لبنان هو أحد الجدران المنيعة والحوائط السامقة التي تقف شامخة لحماية المنطقة من سرطان الابتلاع الاسرائىلي الذي يشبه أفعى يتسع بطنها لكل هذا الوطن العربي، لتعيد فيما بعد إنتاجه تحت مسمى واحد "دولة اسرائىل من النيل إلى الفرات". مازلنا نراهن على زعماء لبنان رجيعهم ومتقدمهم، يمينهم وشمالهم، مؤمنهم وملحدهم، عالمهم وجاهلهم، مواليهم ومعارضهم، في أنهم سيحتكمون إلى مصلحة لبنان وليس لأي شيء آخر. بيروت عاصمة الشرق، وعذراء الحرية، وجمال الظاهر والباطن، وأنشودة الخلاص، خُلقت لتُسمع لحناً عذباً، وليس فرقعة رصاص، ولتتنسم عبق الورد وليس سواد البارود. ماذا يبقى للشرق إن غادرتنا بيروت إلى كهف القبح، وخيّم على نهارها غربان الشؤم، واحتل لياليها الجميلة نواطر إبليس؟!. يا لبنان.. نحبك فقط، ليسمح لنا هؤلاء الدُّمى أن نمد إليك يد المحبة، وليفرجوا عن شفاهنا لنقول لك بكل عنفوان: "لا بأس وطهور".