تزداد معاناة الشعب اللبناني جراء ما تمطره السماء من حلقات نارية .. ترسم لوحتها على أجساد الأطفال والنساء والشيوخ والمنازل، ممتزجة بلون القتل والرماد القاتم والدماء الزكية بريشة حكومة ايهود أولمرت، والتي سرعان ما تحولت تلك الدماء إلى أغصان باسقة في أيدي حزب الله، حاملة ثمار الكاتيوشا ورعد اثنين والتي استحوذت على سوق كل من حيفا وكارمائيل وصفد ونهاريا...إلخ فحكومة إسرائيل الخبيثة والتي تتغذى على دماء الأبرياء والخلايا العصبية للزعماء العرب غارسة جذورها في كل من أراضي فلسطينالمحتلةولبنان وسوريا لا تتوانى في ممارسة أعمالها الوحشية من بث الرعب وقتل الأبرياء مستخدمة جميع الآليات العسكرية المتطورة من قنابل موجهة وغارات سامة محرمة دولياً وصواريخ وغير ذلك. فضحايا القصف الإسرائيلي للبنان تتزايد يومياً في الوقت الذي يغور فيه الضمير الإنساني في جوف الأممالمتحدة وتتبخر البنية التحتية للبنان تحت قصف الإف 16 والأباتشي، والصمت العربي يسيطر على الوضع، والقانون الدولي الإنساني يفرغ إنسانيته، وترتفع في الجانب الآخر هتافات الشعبين المنكوبين دون أن يسمع لها صدى حتى أن شاشات التلفاز بجميع جنسياتها أصبحت تضيق مما تعرضه من لقطات مؤلمة، فالجميع كأعجاز نخل خاوية. في حين أن المقاومة الإسلامية في لبنان تجيء بما لم تستطعه الأوائل وتنتصر لإرادة أمة من خلال محاولة جرها من كهف أهل الكهف بعد أن ربطت مزاقيم ديوكها كي لا توقظها من سباتها المفرط. فحزب الله استطاع أن يقدم للأمة الإسلامية وجبة معنوية شهية في أن السياج أو الطوق الإسرائيلي أشبة بسياج العنكبوت. فقنابل الباتريوك أصبحت بمثابة مضيفات أو إشارات خضراء في مسالك صواريخ حزب الله. فالمقاومة اللبنانية بقيادة السيد حسن نصر الله لم تفقد فتوتها أمام أكبر ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط، فصواريخها ما زالت تغرد في سماء اسرائيل، بالإضافة إلى أنها تقوم بحرب مفتوحة لا تتكافأ فيها القوى، ولكن حزب الله استطاع إثبات بسالته في هذه المواجهات باعتراف من حكومة الكيان الصهيوني. فالمواجهة بين الطرفين ما زالت قائمة وصورايخ حزب الله هي التي تستطيع حل الأزمة، فهي وحدها الكفيلة بإرجاع حكومة اسرائيل إلى جادة الصواب بعد أن تمكنت من فقع بالون الغطرسة الصهيونية.. وبعد ذلك ستتدخل حكومة كونداليزا رايس بإخراج إسرائيل من هذه الورطة. أما ما تشهده الساحة الدبلوماسية وخاصة من الجانب العربي فإنه يعتبر مهزلة منقطعة النظير، ولها آثار سلبية على مستقبل شعوبها.. فهذه الحرب المفتوحة بين كل من إسرائيل ولبنان تمخضت عنها تيارات مختلفة، التيار الأول: يرى أن سياسية بلاده تقتضي دعم حزب الله في هذه المواجهة والمشاركة في هذه الحرب بصورة غير مباشرة عن طريق لبنان. التيار الثاني: يحمّل أرباب هذا التيار المسئولية في ما يجرى على لبنان إلى حزب الله باعتباره المسئول عن تلك المغامرات التي قام بها من دون أن يأخذ رأي الحكومة اللبنانية، ويرى هذا التيار في أن سيادة لبنان ليست كاملة في وجود منظمة داخلها تقوم بأعمال دون الرجوع إليها أو الانطواء تحت قرارها. التيار الثالث: يؤيد هذا التيار خيار المقاومة ويرى أن عزة الأمة وكرامتها لا تعود إلا عن طريق المقاومة والدفاع عن نفسها ضد أي مشروع يأتي من الخارج ويعتبرونه مشروع احتلال. وهذا التيار يعد بمثابة جبل عثرة أمام مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تسعى امريكا إلى تحقيقه، ويمثل هذا التيار منظمات المقاومة المشروعة وجميع الشعوب العربية، ويقف إلى جانبهم في أن ما يخطط للشرق الأوسط يعد احتلال ما قام به الأمريكان في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى فضيحة أبو غريب وسياسة امريكا أحادية الجانب ضد الشعبين الفلسطينيواللبناني. التيار الرابع: فهذا التيار يرى أن قوة الأمة لا تكون إلا في وحدتها كي يمكن الدفاع عن وحدة الأرض والعرض من خلالها ويقدم أصحاب هذا التيار مبادرات صريحة لنبذ الخلاف والنظر إلى مصلحة الأمة باعتبار أن المصير واحد وأن الجميع مستهدف ويتصدر هذا التيار اليمن، فقد دعت اليمن في هذه الحرب إلى عقد قمة طارئة لكنها عادت فسحبت دعوتها خوفاًمن تصدع الشمل العربي نستطيع القول أن هذه الحرب قائمة بين لبنان وإسرائيل ليست بسبب قيام حزب الله باختطاف الجنديين وإنما هي حرب تم التخطيط لها مسبقاً من قبل حكومة الكيان الصهيوني والتي كان ينقصها غطاء دولي كي تتمكن من خلاله القيام بحملتها الشرسة ضد الشعب اللبناني وارتكاب مجازرها البشعة.. فقد قامت حكومة إسرائيل في السابق بمذبحة قانا في حملة عناقيد الغضب على لبنان الذي قام بها شيمون بيريز مخلفة دماراً كبيراً على المستوى البشري والمادي، فحكومة إسرائيل لا تحترم القانون الدولي ولا الإنسانية، بل تقوم بانتهاكها دائماً من دون هوادة، فإسرائيل في هذه الحرب ستسعى جاهدة إلى الخروج بورقة من خلال عملياتها المكثفة على الحدود اللبنانية، خاصة بعد أن سقطت ورقة التوت من يد الساسة الصهاينة في حربهم التي طالت المدنيين والبنية التحتية للبنان من دون القضاء على حزب الله أو الحد من صواريخه التي مرغت الكبرياء الصهيوني في الوحل.. فلذلك ستسعى إلى الخروج من هذه الأزمة وبعد ذلك ستتحول إلى خوض حرب غير مباشرة مع لبنان عن طريق إشعال وتيرة الخلافات الطائفية والمذهبية كي تستطيع تفكيك لبنان بعد أن فشلت في هذه المواجهة. وأخيراً تبقى المواجهة بين لبنان وإسرائيل قائمة والكثير من التساؤلات شاخصة فيما يخطط للشرق الأوسط من قبل كل من امريكا وإسرائيل حيث تقف الولاياتالمتحدة على محورين: المحور الأول: هو تحقيق سيادتها على العالم والاستيلاء على ثروات الشعوب. المحور الثاني: يتمثل بانتظار المسيح من خلال دعم الصهاينة لمشروعهم السابق، فالصهاينة استطاعوا إقناع الصليبيين من أن ظهور المسيح يتوقف على دعم إسرائيل لتحقيق امبراطوريتها من الفرات إلى النيل.