كانت صحيفة أمريكية قد سرّبت خبراً أن زيارة «بوش» للمنطقة سوف تشهد حدثين مهمين للغاية، ينتصر فيهما السلام ويدحر بهما الإرهاب، وأن هذين الحدثين هما هدية الرئىس الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط!!. واتضح أن هذين الحدثين المرتقبين كان أحدهما التكهن بسقوط المقاومة في لبنان، وكان ثانيهما الانقلاب في السودان، فأراد الله الذي بيده الحول والطول أن يخيّب جورج بوش ومن سار في فلكه. لقد انتصرت الإرادة اللبنانية، مستجيبة للقدر الجميل، وهو الوحدة وحل المشكلات عبر الحوار، وفشل الانقلابيون في السودان، بعد أن قام الشعب كله برفض هذه المؤامرة الخارجية القبيحة. ومرة أخرى، ولربما مرات ستأتي، تثبت الشعوب أنها صاحبة القرار، وأنه لا وجود لأية قوة في الأرض ولو كانت بحجم أمريكا أن تصادر قرارات الشعوب وإرادتها. وأن على الذين يراهنون على بعض عملاء الداخل الذين يضرون شعوبهم بإحداث عوائق من شأنها ضرب التنمية وعرقلة مسيرة التطور، على هؤلاء المراهنين أن يتعظوا بما حدث، وأن لا عاصم لهم إلا بالعودة إلى الرشد والتفكير في أوطانهم التي هي أمانة في أعناقهم. وأن الجهاد الحقيقي والوطنية الصادقة المخلصة هي في إقامة مدرسة تبدد ظلام الجهل، ومشفى يُذهب المرض ويهدئ الآلام والأوجاع، ومشروع مياه يروي ظمأ العطشى ويحيل الأرض القاحلة إلى جنات من الخضرة والسكينة والفرح. وبالعودة إلى الموضوع؛ فلقد راهن أبناء العرب على الوعي الكامن والظاهر لأهل لبنان، غير أن ما سقط من تضحيات وحدث من فجيعة وخراب كان فيما يبدو فداءً لهذا الوعي الذي ظهر على هيئة ضوء باهر في سماء لبنان برعاية الخيرين من أبناء الأمة العربية، بعد أن تجلت الحقيقة في أن الأشرار قد باءت نواياهم الخبيثة، فولوا مدحورين. ونحن نراهن على أن اللبنانيين لن يفجعونا مرة ثانية بالاحتكام إلى معسكر الشر، وأن لبنان الجميل كأي وطن عربي لابد أن يكون وطن محبة وسلام. الحوار بكل تأكيد أمضى من البارود، والمال الذي يُبذل لشراء الرصاص سفه وضياع؛ أولى به أن يُنفق في شراء مضخة مياه وزراعة وردة تبعث جمال النفوس.