ألقى رجل الدين والسياسة الصادق المهدي خطبة الجمعة في أحد مساجد أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم، وما لفت نظري في تلك الخطبة أنها أعادت الاعتبار لخطبة الجمعة بوصفها منبراً برلمانياً إسلامياً بامتياز، وهذا ما كنت قرأته تفصيلاً عند المفكر الليبي الراحل “ الصادق النيهوم” الذي استقرأ تقاليد خطبة الجمعة على عهود الدولة الإسلامية الكبرى، وأوضح في مقارباته أن تلك الخطبة لم تكن مُحايثة لشؤون الساعة فقط ، بل كانت مفتوحة على مناقشات عارضة، خاصة إذا ورد عند الخطيب معلومة غير دقيقة، أو ما يمكن أن يُمثل تجديفاً على ما عُلم من الدين بالضرورة . الصادق المهدي تحدث في خطبة الجمعة عن جملة من المسائل الداخلية والدولية، وتعرض للاعتمالات التي تجري في المجتمع الأمريكي باتجاه رفض سياسات الجمهوريين الجدد، وأوضح موقف المسلمين من اليهود نابشاً في تواريخ العذابات اليهودية المجيرة على غير المسلمين، .فيما أشار إلى ما يمارسه اليهود الآن ضد الشعب العربي الفلسطيني بوصفه إعادة لذات المظالم التي تعرض لها اليهود في تواريخهم الأوروبية التي لا دخل لنا بها. وفي معرض استطراده على الشأن الأمريكي استعاد جملة من الكتابات الدالة والصادرة عن أسماء راكزة في سماء السياسة والفكر والتاريخ، تلك التي تنتقد المسار الراهن لليمين الأمريكي. وعلى خط متصل اعتبر المهدي أن استجابة الحكومة السودانية للحوار والمشاركة هو سبب كاف للتخلي عن استخدام الوسائل غير السلمية مُستنكراً النزعات الانقلابية في ظل شروط مواتية للحوار والمشاركة . خطبة الجمعة الماضية للصادق المهدي في احد مساجد أم درمان بالعاصمة السودانية إشارة دالة على الشفافية المطلوبة في دور العبادة واستعادة لتقاليد حميدة اندثرت مرتين .. مرة لأنها أقامت في الرأي الوحيد والواحد، وأُخرى لأنها استخدمت الخطاب الديني للتعبئة الخاطئة .