أفادت مصادر الجزيرة نت في الخرطوم اليوم السبت أن العاصمة السودانية بمدنها الثلاث تعيش حالة من الهدوء المشوب بالحذر، مع انتشار كثيف لقوات الشرطة والأمن بعد يوم من المظاهرات المتفرقة. وبدت شوارع الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، وهي المدن الثلاث التي تشكل في مجموعها العاصمة السودانية، خالية من أي تجمعات بشرية أو مظاهر للاحتجاج السبت وهو يوم عطلة أسبوعية في السودان. وقالت تلك المصادر للجزيرة نت إن قوات الشرطة والأمن تنتشر بكثافة في الأماكن الحيوية من العاصمة ومحطات الوقود التي أضرم المحتجون النار بعدد منها خلال خمسة أيام من المظاهرات. وتشهد عدة مدن مظاهرات يومية احتجاجاً على رفع الحكومة الدعم عن المحروقات الاثنين الماضي مع تضارب أنباء عن أعداد القتلى، ففي حين تذكر الشرطة أن مواجهاتها مع المتظاهرين أسفرت عن مقتل 29 شخصاً بينهم ضابط شرطة، يقول نشطاء من المعارضة إن عددهم يزيد على مائة. ويوم أمس الجمعة لقي أربعة محتجين مصرعهم برصاص مجهولين وفق بيان للشرطة. وفي حي بري بالخرطوم، شارك أكثر من ثلاثة آلاف شخص في تشييع جثمان أحد الضحايا واسمه صلاح السنهوري، وهو صيدلي من عائلة معروفة تعمل بالتجارة. وردد المشيعون هتافات مثل "حرية.. حرية" و"الشعب يريد إسقاط النظام" في أكبر مظاهرة تشهدها مدينة بوسط السودان منذ سنوات عديدة. وكانت الشرطة قد فرقت بالغاز المدمع مجموعات صغيرة من المتظاهرين، تشكلت بعد صلاة الجمعة أمس في عدد من أزقة أم درمان. وقال زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي -خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بأحد مساجد أم درمان- إن الرئيس عمر البشير يوجه أموال الدولة لتعزيز أركان حكمه بدلا من تخصيصها لرفع الغبن عن المواطنين. ودعا حزب الأمة -في بيان- أعضاءه إلى المشاركة في المظاهرات و"الشعب السوداني إلى تكثيف الاحتجاجات". تنديد أميركي وقالت الحكومة إن عدد المعتقلين بالمظاهرات منذ اندلاعها بلغ ستمائة شخص، بينما ناشدت رئاسة الشرطة في بيان صحفي مجددا كافة المواطنين ب "عدم الالتفات للشائعات والتحريض" ودعوات المشاركة بالمظاهرات "غير القانونية" وتفويت الفرصة على من "يسعون لإشاعة الفوضى والانفلات الأمني" وعدم الالتفات لما تبثه بعض الفضائيات ووسائل الاتصال "بصورة تفتقر للمصداقية والدقة والمهنية لإثارة الرأي العام". ومضت الشرطة إلى القول إن متابعات مكتبها الصحفي كشفت أن جهة مجهولة قامت بإطلاق أعيرة نارية في مواجهة مجموعات من المتظاهرين في محليات الخرطوم وبحري وكرري وأمبدة مما أدى إلى وفاة أربعة أشخاص. وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية، نددت الولاياتالمتحدة في بيان خطي بقمع المحتجين واتهمت السلطات السودانية باستخدام القوة المفرطة، وعبرت عن انزعاجها من التقارير التي تحدثت عن اعتقال نشطاء أو احتجازهم وفرض قيود على خدمات الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول. وقالت المتحدثة باسم الخارجية جين ساكي "تدين الولاياتالمتحدة الحملة الوحشية التي قامت بها الحكومة السودانية مع المحتجين في الخرطوم بما في ذلك استخدام القوة المفرطة مع المدنيين والتي تردد أنها أدت الى سقوط عشرات الضحايا". واستطردت قائلة إن "مثل هذا النهج العنيف الذي لجأت إليه قوات الأمن السودانية غير متكافئ ويثير قلقاً بالغاً ويخاطر بتصعيد الاضطرابات". من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، والمركز الأفريقي لدراسات العدل والسلام بنيويورك، نقلا عن شهود وأقارب قتلى وأطباء وصحفيين، إن خمسين شخصا على الأقل قتلوا بالرصاص في الصدر أو الرأس. وقالت لوسي فريمان نائبة مدير برنامج أفريقيا بالعفو الدولية إن "إطلاق النار بقصد القتل، بما في ذلك التصويب على صدور المحتجين ورؤوسهم، انتهاك سافر لحق الحياة. وعلى السودان أن يكف فورا عن هذا القمع العنيف الذي تمارسه قواته الأمنية". وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، في بيان منفصل، أنها تأكدت من أن عدد القتلى أعلى من الرقم الرسمي البالغ 29 قتيلا، لكنها لم تذكر رقماً محدداً.