أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق الاف يطالبون بتنحي الرئيس عمر حسن البشير بعد يوم من اشتباكات دامية اتهمت جماعات حقوقية قوات الأمن بقتل 50 محتجا على الأقل بالرصاص خلالها. وأفلت البشير الذي جاء إلى السلطة بعد انقلاب في عام 1989 من انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بحكام دول بالمنطقة لكن الغضب بسبب الفساد والتضخم المتزايد تصاعد. وتظاهر أكثر من 5000 شخص بعد صلاة الجمعة في أكبر احتجاجات تشهدها منطقة الخرطوم منذ سنوات وذلك عقب قرار برفع الدعم عن الوقود. وقال مسؤول بوزارة الصحة لمحطة الشروق التلفزيونية ان مالايقل عن شخصين قتلا كما اصيب 300 من بينهم 111 شرطيا. وفي مدينة أم درمان بولاية الخرطوم خرج نحو 3000 متظاهر أغضبهم قمع الشرطة للاحتجاجات مرددين "الحرية..الحرية" و"الشعب يريد اسقاط النظام". وفي تحد للوجود الأمني المكثف حيث تنتشر شاحنات الجيش في الشوارع الرئيسية سارت الحشود صوب السوق الرئيسي رافعين لافتات "لا..لا لزيادة الأسعار". وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وجرى بعض المحتجين بحثا عن مكان يمكنهم الاحتماء به لكن ظل معظمهم بالشوارع وألقى البعض الحجارة على أفراد الشرطة وأشعل آخرون النيران في سيارات. وذكر شهود أن أكثر من 2000 شخص تظاهروا أيضا في منطقة بحري بشمال الخرطوم التي تشهد توترات منذ أيام. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع معهم أيضا. ولا يزال البشير الذي تولى السلطة منذ 25 عاما يحظى بتأييد الجيش وأجهزة الأمن والحزب الحاكم وطبقة الأغنياء التي تتمتع بمصالح تجارية واسعة. وشهد السودان خلال سنوات رئاسته حركات تمرد مسلحة وعقوبات تجارية أمريكية وأزمة اقتصادية كما تعرض لمحاولة انقلاب العام الماضي وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في منطقة دارفور بغرب البلاد. ونددت الولاياتالمتحدة في بيان خطي بقمع المحتجين واتهمت السلطات السودانية باستخدام القوة المفرطة وعبرت عن انزعاجها من التقارير التي تحدثت عن اعتقال نشطاء أو احتجازهم وفرض قيود على خدمات الانترنت وشبكات التليفون المحمول. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي "تدين الولاياتالمتحدة الحملة الوحشية التي قامت بها الحكومة السودانية مع المحتجين في الخرطوم بما في ذلك استخدام القوة المفرطة مع المدنيين والتي تردد أنها أدت إلى سقوط عشرات الضحايا." ومضت تقول "مثل هذا النهج العنيف الذي لجأت إليه قوات الأمن السودانية غير متكافيء ويثير قلقا بالغا ويخاطر بتصعيد الاضطرابات." وقالت وزارة الخارجية السودانية إن السودان استدعى القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم للاحتجاج على عدم منح البشير تأشيرة دخول الولاياتالمتحدة لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع. وقالت الوزارة في بيان إن عدم إصدار التأشيرة "عطل مصالح قومية حيوية للسودان". وفي وسط الخرطوم انتشرت شاحنات محملة بالمدافع المضادة للطائرات التي لا تستخدم عادة إلا في مناطق الصراع مثل دارفور في غرب السودان. وجاب أكثر من 100 من جنود الجيش والشرطة وأفراد أمن في ملابس مدنية منطقة الإدارات الحكومية والبنوك.
وقالت محطة العربية ومقرها دبي على موقعها الإلكتروني إن السلطات السودانية أغلقت مكتبها في الخرطوم بعدما شكت من تغطيتها للاحتجاجات.
كما قال تلفزيون سكاي نيوز عربية ومقرها أبوظبي إن السلطات أغلقت مكتبها بالسودان ومنعت مراسلها من العمل وصادرت معداتها.
واضافت القناة ان السلطات السودانية لم تذكر سببا لذلك.
وتمارس الحكومة بالفعل ضغوطا على الصحف المحلية كي تستخدم البيانات الرسمية فقط في تغطيتها للمظاهرات. وقال محررون إن صحيفتين على الأقل توقفتا عن الصدور احتجاجا.
ويقلل مسؤولون سودانيون من أهمية الاحتجاجات.
وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم فاتح حسن المهدي إن ما حدث يوم الجمعة في الخرطوم محدود وإنه لم يشارك في الاحتجاجات أكثر من ألفي شخص وهو عدد اعتبره محدودا مقارنة بسكان الخرطوم البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة.
وقال وزير الداخلية ابراهيم محمود حمد لوكالة السودان للأنباء إن السلطات اعتقلت حوالي 600 شخص للاشتباه في تورطهم في أعمال شغب عنيفة وفي أعمال تخريبية وإنه ستبدأ الأسبوع القادم محاكمة نحو 100 من "المخربين".
وبسقوط قتيلين يوم الجمعة يرتفع العدد الرسمي لقتلى الاحتجاجات الى 31. ومن بين القتلى صلاح سانهوري وهو طبيب قتل بالرصاص خلال احتجاج وذلك حسبما قال اقاربه لرويترز. ولعائلة هذا الطبيب علاقات وثيقة ومصالح تجارية مع الحكومة.
وذكرت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن والمركز الأفريقي لدراسات العدل والسلام ومقره نيويورك نقلا عن شهود وأقارب قتلى وأطباء وصحفيين أن 50 شخصا على الأقل قتلوا بالرصاص في الصدر أو الرأس.
وأضافت المنظمتان في بيان أن من بين القتلى فتى عمره 14 عاما وأن أعمار معظم الضحايا الآخرين تتراوح فيما يبدو بين 19 و26 عاما. وقال البيان إنه تم احتجاز مئات