لاقت الخطبتان اللتان ألقاهما الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي في الرياض وفي القاهرة، إعجاب المصريين من شعب ومسؤولين، إذ ذكر فيها فضل مصر على العالم وعلى أهلها. القاهرة: استقبله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وكذلك الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، وأحتفى به المصريون، ولم يعد لهم حديثا في جلساتهم المنازلية أو حتى في المقاهي أو في مقرات العمل، إلا عن ذلك الشيخ الذي جعلهم يقدرون بلادهم، ويزيد حبهم لها، منذ أن ألقى خطبته الأولى تحت عنوان "فضائل مصر" في مسجد البواردي في العاصمة السعودية الرياض، في 14 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ثم خطبته الثانية الجمعة الماضية 11 كانون الثاني (يناير) في مسجد عمرو بن العاص في القاهرة. إنه الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي. بينما كان المصريون يتناحرون سياسياً، ويتقاتلون في محيط قصر الإتحادية في القاهرة أو محيط مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية، وبينما تشتعل الصراعات بين المعارضة والتيار الإسلامي، ويتبادل الطرفان الإتهامات بالخيانة والعمالة، صعد الشيخ محمد بن عبد الرحمن العريفي، منبر مسجد البواردي في مدينة الرياض، وألقى خطبة عن "فضائل مصر"، لاقت استحسان المصريين بمختلف فئاتهم، وصارت الحديث المفضل في جلساتهم العادية أو الالكترونية، وشاهدها على موقع يوتيوب أكثر من ثلاثة ملايين شخص، واحتفت بها برامج التوك شو، وبكى الإعلامي تامر أمين مقدم البرامج على قناة روتانا مصرية تأثراً بها. وصل صدى خطبة العريفي إلى مسامع المسؤولين المصريين، فوجّه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب دعوة إليه لزيارة مصر، وقد لبى الدعوة، وجلس في الجامع الأزهر وألقى محاضرة، والتقى كوكبة من علماء الأزهر، على رأسهم الإمام الأكبر. وألقى أمس الجمعة خطبة عن مصر في أعرق وأكبر مساجدها على الإطلاق، وهو مسجد عمرو بن العاص، بحضور عشرات الآلاف من المصلين، الذين قدموا للصلاة خلفه من كل أنحاء الجمهورية. الخطبتان كانتا كالسحر على المصريين بلغ افتتان المصريين بخطبتي العريفي بحق مصر إلى حد تحميلها على الموبايلات، وقال سيد سلامة، وهو صحافي مصري، إن الشيخ العريفي ألقى خطبتين كان لهما فعل السحر على المصريين جميعاً، مشيراً إلى أن الخطبة الأولى حظيت باهتمام غير عادي من قبل مرتادي مواقع التواصل الإجتماعي، ولاسيما موقع اليوتيوب، وحمّلها عشرات النشطاء مرات عديدة، وبلغ عدد مشاهديها أكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال الفترة الماضية. وأضاف ل"إيلاف" أن الكثير من المصريين حمّلوا الخطبة الأولى التي ألقاها في مسجد الرياض على هواتفهم النقالة، منوهاً بأنه هو شخصياً حمّلها على هاتفه المحمول، وجهاز اللابتوب الخاص به ويستمع إليها دوماً. بينما قالت هبة بدوي، وهي كيميائية بإحدي شركات الأدوية، إن خطبتي الشيخ العريفي عن مصر جعلتها تحب بلدها أكثر، وقالت ل"إيلاف" إن الخطبة الأولى أنزلت برداً وسلاماً على صدور المصريين الذين كانت تطحنهم الظروف الإقتصادية، وتشعل السياسة الصراعات بينهم، مشيرة إلى أنها عرفت معلومات جديدة عن مصر وفضلها على سائر الأمم من خلال الخطبة. ولفت إلى أنها استمعت إلى تلك الخطبة أكثر من مرة على موقع يوتيوب مع زوجها وأطفالها. وأشارت إلى أن خطبتي العريفي كانتا مختلفتان عن ما يقوله شيوخ الفضائيات في مصر، الذين انشغلوا بالسياسة وتبادل الشتائم مع المعارضين عن توضيح تعاليم السمحاء، ودعوة الناس للحب والود والعمل الصالح. السياسيون أيضأ تأثروا بخطبة العريفي لم يكن المصريون العاديون هم المغرمون بحديث العريفي عن بلدهم فقط، بل وصل إلى السياسيين وفي أعلى مستوياتهم، ومنهم رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل الذي كتب على صفحتة على فايسبوك، أمس عقب خطبة العريفي في مسجد عمرو بن العاص: "مصر أم الدنيا.. وطن للعرب أجمع.. ومثلما تهتم بهم يهتمون بها"، وأضاف: "وتقديرا للكلمات الطيبة التي قالها الشيخ العريفي بحق مصر وتأكيده على مكانتها بين الشعوب يشرفني أن ألقاه، لشكره على الروح الطيبة التي بدرت منه". العريفي: أهل مصر فلذات كبد الصحابة وقال العريفي في خطبته في مسجد عمرو بن العاص، أمس: "مصر أهلها اليوم هم أحفاد الأنبياء وفلذات أكباد الصحابة، وزارها أكثر من 350 صحابيًا"، مؤكداً أن "المصريين لهم في المملكة العربية السعودية وفي الخليج علاقات وطيدة لا يستطيع أن يفسدها أي مفسد". وأضاف أن فضل مصر على العالم لا ينكره أحد، مشيراً إلى أنها "مصنع الرجال وبلد العلم والغوث والموهوبين". وقال: " لقد مدح الله أرضكم في كتابه وطهرها منذ سالف الدهر، وقد أقر الناس بفضلها ولكم فضل على كل الدول العربية وحتى على المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين، فأول ما فتحت المدارس في السعودية وكل بلاد الخليج العربي لم يدرس فيها إلا المصريين، وأول جامعة في السعودية كان مديرها مصريا ولا يوجد أمير أو وزير أو مسؤول في الخليج الا وكان له معلم مصري. كما أن المناهج في البلاد العربية كانت مصرية، فلما أرادت بعض الدول أن تضع مناهج استعانت بمستشارين مصريين، وأول طريق معبّد بين جدة ومكة أقامته مصر، والإمامة في الحرمين الشريفين لم تكن لأحد من خارج المملكة العربية السعودية إلا للمصريين". وأكد أنها "لن تقع في فتنة ولا خلافات أهلية أبداً، لأن شعبها موحد، ومصر بلد عافية، وهي مهيأة للريادة في العالم، وليست أقل من تركيا أو ماليزيا"، وتابع موجهاً حديثه للمصريين: "أنتم دحرتم الحملة الصليبية، ورفعتم راية العز بانتصاراتكم المتكررة على اليهود، ومصر مهيأة للوصول إلى مكانة عظيمة، مصر فيها قدرات بشرية ومبدعون، والمصريون هم أهل العلم والتبيان". وأضاف: "مكثت الخلافة في مصر تدير البلاد الإسلامية بعقولكم، حتى نُقلت الخلافة إلى تركيا". وزاد في القول، مستشهدا بحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بأهل مصر خيرًا"، وتابع: "الرسول اختاركم أنتم ليوصي بكم، ولم يختر أهل بلد معين إلا أنتم". وأردف مهنئاً المصريين بوصية الرسول، وقال: "هنيئًا لكم أيها القبط إذ أوصى بكم رسولنا، وقد ذكر ربنا مصر في القرآن فمدح أرضها". العريفي دعا الى دعم الاقتصاد المصري ودعا رجال الأعمال العرب إلى دعم الإقتصاد المصري، وقال: "أقبلوا واستثمروا في مصر، أهلنا في مصر أولى بأموالنا من بنوك سويسرا ومن بنوك أمريكا". حزب النور احتفى بالعريفي حزب النور الذراع السياسية الأساسية للتيار السلفي في مصر، احتفى أيضاً بالعريفي، وشكره على حديثه بحق مصر والمصريين، وقال الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب: "باسمي وباسم حزب النور، أرحب بالشيخ الفاضل الدكتور محمد العريفي ضيفاً كريماً على مصر نزل في وسط أهله وإخوانه". وأضاف: "أقدم له الشكر على هذه الخطبة العظيمة من مسجد عمرو بن العاص التي وقعت من نفوسنا موقعاً عظيماً، كما عبّرت تعبيراً صادقاً عن حقيقة العلاقة الأخوية بين الشعبين الشقيقين، جزاك الله خيرا وندعوك لتكرار الزيارة". العريفي تغزّل بمصر في الرياض وبدأ العريفي خطبته الأولى بمسجد البواردي بالرياض، بالقول: "دعوني أتحدث اليوم عن أم الدنيا" ووصفها بأجمل العبارات قائلا: "هي أم البلاد، وهي أم المجاهدين والعباد، قهرت قاهرتها الأمم، ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم، هي بلاد كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة، فكم لمصر وأهلها من فضائل ومزايا، وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا، منذ أن وطأتها أقدام الأنبياء الطاهرين، ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين، فمصر قادت الأمة الإسلامية أكثر من 265 سنة، وسوف تظل تقود بلاد الإسلام". وتابع: "إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام، إذا ذكرت المصريين ذكرت الحجاج والمعتمرين، إذا ذكرت المصريين ذكرت الدفاع عن فلسطين، وذكرت الجهاد والمجاهدين، وإذا ذكرت المصريين ذكرت أمنا هاجر، ومارية القبطية، ذكرت أخوال رسولنا وأصهار نبينا". وأثنى علماء الأزهر على خطبتي العريفي، وقال الدكتور علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، إن ما يجمع بين علماء مصر والسعودية، وبين علمائها وشعبيها، هو حبل الله المتين، وقال ل"إيلاف" إن حديث العريفي عن مصر بدأ من مسجد في الرياض، وبدون دعوة من أحد سواء في السلطة أو خارجها، مما أضفى عليها أجواء من المصداقية، وتفاعل معها المصريون في شتى أنحاء الأرض، مشيراً إلى أن الشيخ العريفي فضح شيوخ الفضائيات المصريين وشيوخ الإسلام السياسي الذين تفرغوا للسب والشتم، وساهموا في كره المصريين لبلادهم، وكرّهوا الناس بالشريعة، وساهموا بتشويه صورة الإسلام. ودعا إلى أن يقتدي هؤلاء الشيوخ بالعريفي في هدوئه ورصانة حديثه، والبعد عن فحش القول. البعض اعتبر العريفي أداة ستستخدم في الوقت المناسب لم يكن الأمر كله تفاؤل بالنسبة للمصريين، فالبعض منهم، ولاسيما نشطاء الفايسبوك، يتبنى نظرية المؤامرة فيما يخص خطبة العريفي في الرياض، وزيارته لمصر، وقال محمد عبد اللطيف وهو صحافي وفنان كاريكاتير: "إحساسي يقول إن العريفى لعبة سيتم استخدامها في الوقت المناسب، بعد أن نفذ رصيد المتأسلمين لدى عامة الناس". فيما قالت زينب إبراهيم: "هذا الشيخ خطبته مسيسة، وجاءت تخدم السلطة وتشوه المعارضة، رغم إنه لا يستطيع تسييس الخطاب الديني في بلاده إلا لمصلحة ولاة الأمر فقط". خطبتا الداعية العريفي: