كل فرد فينا يعيش وحيداً بمعنىً من المعاني .. يعيش فرادته وسباحته الطبيعية في غاباته الخاصة .. لكنه إلى ذلك يعيش مع الآخرين جبراً وخياراً .. يتواصل معهم .. يحاورهم .. يشاركهم المنافع .. يتهادى معهم في مفازات تتوازى مع غرائبية أيامنا . لكن الواحد منا وهو يعيش هذه المتوالية الطبيعية للتواصل الشامل مع الآخرين لا يستغني عن استنطاق البعد الأكثر صفاءً ونصوعاً في عوالمه الداخلية . ذلك البعد لايتجلى إلا بالآخر الأثير .. المحبوب .. الصديق .. الذي يكمل فراغاً ما في جوانياتنا . هذا الآخر قد يكون صديقاً أو زميلاً في العمل .. لكن الآخر القابع في أساس الثبات والديمومة التي انطلقت في لحظة ما من زمن الذاكرة والخيار هو النصف الثاني في الحياة الزوجية . الزوجة هي التعبير الأشمل عن كامل الفجوات القابلة للردم .. بل عن تفاصيل الحياة اليومية التي لا تستقيم إلا بنوع من الكر والفر .. ذلك الذي قد يكون مخملياً قابلاً للمحاصرة .. وقد يتبدّى تنيناً يقذف الطرفين بنيرانه الحامية . من المؤكد أن للثنائية التكاملية بين الزوج والزوجة قياسات ذهنية ومنطقية تخرجها من دائرة المعيار الواحد.. ذلك أن كل طرف في المعادلة يعيش حالة استتباع مؤكد لطبائع وأحوال وأمزجة متباينة . هل يمكن ضمان استمرار الكيمياء السحرية لهذه الثنائية التصادمية بطبيعتها ؟. بل كيف لنا أن نجد الخيط الأكثر رومانتيكية في العلاقة الزوجية وسط خرائب التفاصيل اليومية الصغيرة التي تتقافز هنا وهناك كما لو أنها كائنات شوكية تتمرغ في مياه الأمازون ؟ أسئلة أزلية تتداعى مع الحياة ولا توفر الإجابات حتى ولو كانت على وزن الجواب المؤلم للروائي “ جابرييل جارسيا ماركيز” وهو يتحدث عن المؤسسة الزوجية بوصفها مجرد “ عبودية متبادلة !! “