إلى أين تتجه الأزمة الحوارية بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك؟ وهل الاتفاق على استئناف الحوار وصل إلى طريق مسدود؟ لماذا يُرهن السياسيون من قادة الأحزاب قراراتهم ومواقفهم للمانشتات الصحفية والمناكفات السياسية والإعلامية؟ لماذا يبتعد الساسة عن الرؤية الواقعية التي تقرأ الواقع وتستشرف المستقبل وتضع المعالجات برؤية وطنية؟ ولماذا لاتعطي للمؤسسات الدستورية دوراً في تفعيل الحوار بين الطرفين وبما لايعيق تنفيذ الأجندة الوطنية؟ مواقف الطرفين من الحوار تؤكد أن الجميع مع الحوار كقيمة إنسانية وأخلاقية ووطنية وسياسية لحل الاختلافات وإيمانهم المطلق بأن لاحل لأي اختلاف إلا بالحوار الجاد والمسئول. المؤتمر الشعبي العام ووفق ورقته «رؤية المؤتمر للحوار» أكد ايمانه بالحوار واستجابة لدعوة الأخ رئيس الجمهورية للحوار التي وجهها للجميع في كلمته بمناسبة احتفالات الوطن ب 22 مايو وشملت الرؤية نقطتين اساسيتين يتفق المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك في الوقوف صفاً واحداً ضد العناصر التي تدعو إلى العودة بالوطن إلى ماقبل 22 مايو 1990م وتمزيق عرى الوحدة الوطنية والتصدي لتلك العناصر بالوسائل السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها ممايكفل مواجهة كافة الدعوات الانفصالية وغير المسئولة والعمل على مامن شأنه تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على السلم الاجتماعي والالتزام بالدستور والقوانين وتنص المادة الثانية على الوقوف بحزم وقوة ازاء تلك الفتنة التي أشعلها الحوثي ومن يساعده ويؤازره داخلياً وخارجياً الهادفة إلى إعادة النظام الإمامي المتخلف وضرورة مواجهة تلك العناصر بكافة الامكانات المتاحة سياسياً وثقافياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً. وعلى الطرف الآخر فإن أحزاب اللقاء المشترك وفي المؤتمر الصحفي لقادة هذه الأحزاب في 5/6/2007م أكدوا تمسكهم بالموقف المبدئي والثابت حول مسألة الحوار كقيمة حضارية راقية لحل كافة الاختلافات والتباينات «حسب المادة «1» من بيان اللقاء المشترك» إذن على ماذا الاختلاف؟ هل الوعاء السياسي لهذا الحوار هو نقطة الاختلاف؟ الطرف الأول يرى أن الوعاء السياسي محدد بثابت الوحدة الوطنية ومحصن بدولة قوية تبسط سيادتها وسيادة القانون على كامل التراب اليمني ويرى أن مانتج من أعمال عنف وتخريب واعتداء على المواطنين على أساس مناطقي ماهو الا نتيجة للسياسة الإعلامية والصحفية التي انتهجها اللقاء المشترك وفق رؤية سياسية غير مسئولة وأن الاستمرار بهذا النهج يعرض الوحدة الوطنية للخطر ويؤدي إلى تهتك النسيج الاجتماعي كما أن عدم تحديد موقف واضح وصريح للقاء المشترك من العصيان المسلح وأعمال العنف التي تشنها القوى الظلامية في بعض مديريات صعدة ضد المواطنين والدولة ومحاولتها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء هو تشجيع لهذه العناصر على التمادي في غيهم وإعاقة الدولة بأن تقوم بواجبها ومهامها الوطنية تجاه كل مايهدد أمن الوطن وهو مايفسر بجلاء رد فعل يحيى الحوثي الذي عبر عن ارتياحه لموقف أحزاب المشترك والتي رأى فيها دعماً لموقفه وأبدى استعداده للتعاون مع اللقاء المشترك ومايسمى الحراك الجنوبي لتشكيل اصطفاف ضد الدولة وهو الذي رفض سابقاً عندما كان يتفاوض مع الحكومة إضافة مطالب تتعلق بالغلاء وحقوق المتقاعدين إلى شروطه التفاوضية بذريعة أنه غير مستعد أن يضحي من أجل الآخرين حسب ماقاله عبدالله سلام الحكيمي لصحيفة الوسط عندما كان مستشاراً سياسياً للحوثي في بداية التفاوض مع الحكومة. اللقاء المشترك يرى أن الحوار أصبح غير ذي جدوى وأن المؤتمر عطل الاتفاقيات السابقة «على الرغم من أن المؤتمر في رؤيته لم يتنصل من الاتفاقيات السابقة بل دعا إلى تنفيذها» التي تم التوافق حولها وأن الحوار يستخدمه المؤتمر كورقة تمنحه شرعية سياسية في الإجراءات التي تتخذها الحكومة ضد أعمال العنف التي شهدتها الحبيلين والضالع وضد المتمرد الحوثي ومن وجهة نظرهم أنهم لن يكونوا مطية يركب عليها المؤتمر متى شاء ويرى المشترك وفق الورقة الملحقة «المفسرة» للبيان والمقدمة من د.ياسين سعيد نعمان أن الوثيقة المقدمة من المؤتمر لاتحمل رؤية للحوار وأن الوثيقة قررت سلفاً موضوع ونتائج الحوار نيابة عن أطراف الحوار لذلك كان توجههم إلى الدعوة لتوسيع دائرة الحوار وهو ماسيؤدي إلى اجهاض الحوار وتحويله إلى متاهة يصعب الخروج منها. هل اللقاء المشترك يختلف مع المؤتمر حول الوعاء السياسي الذي حددته رؤية المؤتمر؟ الاعتقاد بصحة هذا الرأي فيه تجنٍ للتاريخ الوحدوي الوطني لأحزاب اللقاء المشترك ويجب أن تقرأ رؤية المؤتمر بسياقها الصحيح حيث إنها لاتحمل اشتراطات مسبقة ولانتائج مسبقة ولكنها تحمل وعاء سياسياً للحوار وهذا الوعاء اعتقد أنه لايوجد اختلاف عليه فحسب المقابلة الصحفية للناطق الرسمي للقاء المشترك الأخ محمد الصبري مع صحيفة الغد العدد «48» يقول «مشكلتنا في المشترك أننا الآن نواجه آثار ومخلفات ماقبل الوحدة وماقبل الثورة في الجنوب والذين شعروا أنهم لم يكونوا شركاء في صناعة الإنجاز الوحدوي أو هكذا تبدو الصورة أصيبوا بحالة من الهستيريا مما هو قادم في المستقبل ويريدون أن يؤكدوا وجودهم على الساحة الجنوبية ولكن بطريقة سيئة.. يريدون من خلال الجنوب أن يتقاسموا أو يدخلوا في قسمة وهؤلاء هم من مخلفات ماقبل الوحدة وآخرون يريدون أن يعيدوا لنا ماضي ومخلفات الاستعمار والسلاطين، لكن الغريب في هاتين المجموعتين أنهم من منتجات الفترة الشمولية لأنها لاتعترف بحقوق الناس ولاتعترف بالتعدد ولاتعترف بحرية الرأي وبالمناسبة هناك أصوات نشاز تطلع الآن من الاحتجاجات الجنوبية في حين كانت هي من أكثر الأصوات السيئة في هاتين الفترتين: ماقبل الوحدة وماقبل الثورة وهي أصوات عرف تاريخها بأنه ليس مشرفاً وليس نظيفاً على الاطلاق وتأتي وتتحدث باسم الناس بطريقة فيها من الاستئثار وفيها من الوصاية العجيبة مايثير الاشمئزاز. يعني ماهو المقياس اليوم لكي أتحدث عن فلان أو عن زعطان أو عن حزب أنه يمثل الناس لابد من اجراءات إما بالانتخاب وهي الوسيلة المنطقية لتمثيل الناس أو أن نكون في إطار تنظيمي محدد عبر الحزب الذي يمنحك قوة تنظيمية موجودة لتمثل الناس والتعبير عن حقوقهم ولكن هؤلاء يعتقدون بأنهم من خلال الإعلام ومن خلال الترويج الإعلامي لهم ومن خلال المواقع الالكترونية قدامتلكوا الشارع وأعتقد أن هذا العامل النفسي كان أحد أسباب المشكلة وهو عامل ينم عن حالة احباط عند هذه المجموعات لأنها عاجزة عن أن تصنع فعلاً على الأرض بطريقة منظمة وتلتقي فيها مع كل الأطراف المشترك وحتى المؤتمر. ويقول في مكان آخر «نعم بالتأكيد من يتجاوز القانون ومن ينتهك الدستور واستقلال البلد واستقراره وأمنه يجب أن يقدم للمحاكمة وفقاً للدستور والقانون وتجري محاكمته علنياً». لذلك فإننا نجد أن التوافق موجود حول الوعاء السياسي للحوار إلا أن حالة من الشك وعدم الثقة بين الطرفين هي التي تعيق العودة إلى طاولة الحوار لذلك فإن تفعيل دور المؤسسات الدستورية «مجلس النواب» في مناقشة القضايا الخلافية «النظام الانتخابي اللجنة العليا للانتخابات» برؤية توافقية يمكنها إذابة الجليد بين الطرفين مع تدخل مباشر لفخامة رئيس الجمهورية لرعاية أي حوار والإشراف عليه يمكن إنجاح الحوار وليس فقط العودة إلى طاولة الحوار.