بدأت قبل سنوات قليلة حملة شديدة على تركيا بهدف تحميلها مسؤولية موت عدد من الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى وقد بذلت الجالية الأرمينية في فرنسا جهداً كبيراً في تأليب الرأي العام الفرنسي خصوصاً والأوروبي عموماً ضد تركيا الأمر الذي انتهى باستصدار قرار من الجمعية العموميةالفرنسية تحول إلى قانون يجرم كل من يشكك بمذابح الأرمن على يد العثمانيين وذلك على غرار الهولوكوست اليهودي أو ما يسمى بمذابح النازية ضد اليهود .. وقبل شهور أشارت رئيسة مجلس الشيوخ الأمريكي بأنها ستطرح نفس الموضوع على مجلس الشيوخ. ولكن حاجة أمريكا إلى خدمات تركيا في حربها على العراق أجلت طرح الموضوع، وسيطرح وقت الحاجة. ترى ماالهدف الحقيقي وراء هذا الهجوم على تركيا؟ ثم أليس غريباً أن يظهر هذا الهجوم متزامناً مع الحملة والحرب ضد مايسمى بالارهاب؟ ولماذا ضد تركيا وهي الدولة العلمانية التي تقصي الدين عن نظام الحكم فيها؟ دعونا نعود إلى الماضي البعيد والقريب لنلقي بعض الضوء على تاريخ المجازر الجماعية فقد أقدم«ذو نواس الحميري» على احراق أصحاب الأخدود «النصارى» لأنهم رفضوا الدخول في دينه «اليهودية». وقد ذكر القرآن الكريم هذه الحادثة بقوله عزوجل: «والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود، قتل أصحاب الأخدود» فقد وصم ذو نواس الحميري الدين اليهودي بالعنف والارهاب وارتكاب المجازر وارتكب المسيحيون أثناء الحروب الصليبية مجازر ضد المسلمين في أزقة القدس وداخل المسجد الأقصى، وظهرت محاكم التفتيش في إسبانيا أيام الملكة إيزابيلا ليقتل اليهود والمسلمون على حد سواء بموجب أوامر هذه المحاكم ولم يجد اليهود إلا الدولة العثمانية ليلتجئوا إليها.. كل ذلك وصم الديانة المسيحية بارتكاب المجازر الجماعية وقد بحث أعداء الإسلام في تاريخ الإسلام ودول الإسلام عن حادثة واحدة يمكن أن تدمغ الإسلام بأنه دين عنف ومجازر جماعية فلفقوا قضية الأرمن الذين قضوا أيام الحرب العالمية الأولى مع أن علاقة تركيا العثمانية بالأرمن كانت على أحسن مايرام فقد ترقى الأرمن في الوظائف الحكومية حتى وصل بعضهم إلى درجة وزير المالية في الدولة العثمانية. أما الحادثة المزعومة فإن حال الدولة التركية التي هزمت في الحرب مع ألمانيا ودول المحور لم يكن في قدرتها وهي المهزومة أن تحمي جنودها فكيف ترتكب مجازر ضد الأرمن أو غيرهم كل ذلك الضجيج لايهدف إلا إلى تحميل الإسلام مسؤولية أي مجزرة وبذلك يكون الكل متساويين ولايوجد أحد أحسن من أحد ويصبح لسان حالهم يقول «ياعزيزي كلنا مجرمون». هذه المؤامرة الخبيثة ضد المسلمين و الإسلام قد تجد صدى لدى بعض الناس خاصة في ظل الحرب على الإسلام باسم الارهاب..ويجب أن يتفطن المفكرون والأدباء وحتى الفنانون لما يحاك من دسائس ضدنا مع أننا الضحايا في كل عصر، فقد قتل الهندوس أكثر من نصف مليون مسلم ذبحاً عند قيام باكستان ولم يذكر هؤلاء أحد، وما ترتكبه أمريكا وحلفاؤها في العراق وأفغانستان يومياً ماذا نسميه؟. وما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين يومياً من قتل وتشريد ومجازر ألا ينطبق عليه وصف الإبادة الجماعية؟ أفيدونا أفادكم الله ياصناع المصطلحات والنظريات. المطلوب منا أن نفضح هذه المخططات وأن نذكر هؤلاء بمآسيهم وجرائمهم ضد البشرية لأن الصمت يشجعهم على الاستمرار، والسكوت علامة الرضا.