رغم كل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها قيادة المحافظة وإدارة التربية والتعليم للحد من ظاهرة الغش في الاختبارات العامة الأساسية والثانوية إلا أن ذلك لم يمنع الغش وإن لم يكن بالشكل الذي شهدته المحافظة في الأعوام السابقة، فقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك أن للغش جنوده الأوفياء الذين جندوا أنفسهم في سبيل نشره وإبقائه سمة من سمات العملية التعليمية، حتى ولو دفعوا حياتهم ومستقبلهم ثمناً لذلك.. حقيقة يصعب تصديقها ولكن الواقع يؤكدها وهو مايجعلنا نتصور أن القضاء على ظاهرة الغش أمر شبه مستحيل إن لم يكن المستحيل ذاته، وهو ماجعلني أجزم أنه لم يخلُ مركز امتحاني من وجود الغش ولو بنسبة بسيطة مادام المسئولون عن منع الغش هم من يمارسونه تربويين وأعضاء مجالس محلية وأعضاء مجلس نواب ورجال أمن وليت الأمر وقف عند جمع مبالغ مالية وفتح القاعات ودخول نماذج وتجمعات وتهجمات على اللجان الامتحانية بل وصل الأمر إلى درجة تغيير أحد رؤساء المراكز الامتحانية لأنه لم يسمح بالغش لابن أخت عضو اللجنة الفرعية للامتحانات وتم استبداله بشخص آخر من نفس المديرية بما يتعارض مع القانون الذي يمنع أن يكون رئيس المركز الامتحاني من أبناء المنطقة نفسها ولكن نجاح «النسب» وبتفوق أهم من القانون، مايدل على إصرار الجميع على ممارسة الغش كحق من الحقوق التي لايمكن التنازل عنها أو التفريط بها مهما كلف الأمر ومازاد الطين بلة تسريب أسئلة امتحان بعض المواد للمرحلة الأساسية من قبل أحد رؤساء المراكز الامتحانية ومن التربويين الذين لهم مواقع داخل التربية وهو مايكشف الخلل الجسيم والعشوائية التي يتم من خلالها اختيار رؤساء المراكز الاختبارية وهذه ظاهرة خطيرة جداً ومؤشر إلى ما آل إليه الوضع في حقل التربية وأن الفساد الأخلاقي والإداري قد وصل إلى أبعد مما يتصور الجميع ولم يعد هنالك خطوط يمكن الوقوف عندها وهذا أمر يستدعي من المسئولين الوقوف عنده بجدية وصدق لدرء هذا الخطر الذي يهدد مستقبل الأجيال ولانريد منهم مايقومون به كل عام في البحث عن مبررات وأسباب يغطون ويسترون إخفاقاتهم وعجزهم بل نريد منهم محاسبة كل من له علاقة بما حدث من اختلال بدءاً باللجنة الفرعية ومديري التربية وانتهاءً برؤساء المراكز الاختبارية. وكم نتمنى أن يمتلك ولو واحداً من المسئولين التربويين الشجاعة ويفصح دون تحفظ عن المتنفذين والشخصيات الاجتماعية وأعضاء مجلس النواب والمجلس المحلي الذين كان لهم دور في إحداث إرباك للعملية الامتحانية ومارسوا ضغوطات على رؤساء اللجان لإجبارهم على السماح بالغش.. أما إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فعلى الوطن وأجياله السلام.