أسعار ترتفع يوماً بعد يوم، سلع غذائية متنوعة انتهت صلاحياتها مع الباعة المتجولين بل في البقالات الرئيسية وسط المدن، رجال بعضهم غطى الشيب رؤوسهم يمشون مع أطفالهم وهم في حسرة وألم لعدم قدرتهم على شراء لعب بسيطة ناهيك عن عجزهم في شراء ما تحتاجه منازلهم من المواد الغذائية والاستهلاكية بما فيها الضرورية.شباب متجمعون في الجولات وجالسون على أرصفة شوارع حاراتهم ينظرون إلى السماء لتنزل عليهم كراريس وملابس مدرسية.. الخ. هكذا قرأت الشارع في عدن خلال تجوالي الليلي في النصف الأول من الشهر الكريم، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وبكل تأكيد إن قراءتي هذه سيقرؤها كل مواطن في كافة محافظات الوطن.. اللافت في هذه القراءة ما هو أدهش بل وأخطر من عناوين المشهد «المأساوي» في الأسواق والشوارع، خاصة ونحن شعب مسلم وتجار مسلمون، أي أننا جميعاً شعب ديننا الإسلام الحنيف الذي لا يعنْوِن لمثل هذه المشاهد.. خاصة ونحن في شهر جعله الله تعالى من أفضل الشهور وخص القرآن الكريم بالنزول إلى رسولنا الأعظم «صلى الله عليه وسلم» في هذا الشهر.. «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن». من كل ذلك وأنا ما زلت قارئاً لعناوين هذه المشاهد والحسرة تعصر قلبي، تذكرت ما قرأته وسمعته في الوسائل الإعلامية «صحافة، إذاعة، تلفاز» قبل حلول شهر رمضان المبارك، من تصريحات رنانة طنانة لعدد من مسئولي الجهات المعنية «شكّلنا لجان رقابة على الأسعار في شهر رمضان» و«لن نسمح لأي تاجر أو بائع بأن يتلاعب بالأسعار خلافاً لما هو مبين في كشف الأسعار المنزل من قبل وزارة التجارة والصناعة»، «سنحيل كل من يتلاعب بالأسعار وخاصة في الشهر الكريم إلى النيابة والقضاء لمحاسبته» وكذلك تصريح «مدهش» يشير إلى «ضبط السلع الغذائية المغشوشة والمنتهية صلاحيتها للاستهلاك الآدمي ولن نتساهل في ذلك». والحال وأنا في قرآتي للمشاهد التي أمام عيني ومراجعاتي لهذه التصريحات أجد أن هناك استخفافاً بالمواطن «الغلبان» الذي لا مصدر له غير راتبه الضئيل، ناهيك عن جيش العاطلين عن العمل، وهو أمر تقع مسؤوليته ليس فقط على الحكومة واجهزتهاالرقابية والأمنية والبيئية والصحية، بل مسؤولية المجتمع بكامله، باعتباره المتضرر الأول والأخير من جشع التجار وفاقدي الضمير الذين يبيعون مواد غذائية مغشوشة ومهربة وفاقدة الصلاحية باحثين عن الربح «الحرام» على حساب صحة المواطنين وخاصة الأطفال الذين هم أول من يتعرضون للأمراض وحتى الموت من جراء هذه السلع التي تنتشر في أسواقنا وشوارعنا مثل انتشار النار في الهشيم دون وازع من ضمير وخوف من الله تعالى ناهيك عن الخوف من القوانين وحماتها الذين أعتقد أنهم يصومون نهاراً وليلاً وكأن الأمر لا يعنيهم وأنهم ليسوا من هذا المجتمع ولديهم أطفال وأسر قد يبتاعون من هذه السلع.. مسؤولية الاحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الأهلية والخيرية في مساعدة الحكومة وأجهزتها على الرقابة والتبليغ عن هذه الإخلالات التي تضر بالمجتمع، نعم مسؤوليتهم بدلاً من «الزهيق» والنعيق ليل نهار، على كل شاردة وواردة.. وكأنهم أي هذه الاحزاب وخاصة «اللقاء المشترك» من كوكب آخر وليس من هذا الوطن الذي يتسع لنا جميعاً، وخيره وأمنه وسلامة مجتمعه نحن المستفيدون منها.. ارحموا المواطن «الغلبان» واتقوا الله في هذا الشهر الكريم.. آمين يارب العالمين.