حينما تطالب الأحزاب والتنظيمات السياسية بتقديم الأسماء لعضوية اللجان الإشرافية والأساسية والفرعية التي ستقوم بمراجعة وتعديل جداول الناخبين طبقاً لما توافقت عليه في آخر عملية انتخابية محلية ورئاسية بواقع 46% ولا أقول طبقاً لما نص عليه قانون الانتخابات العامة ولائحته التفسيرية.. والأدلة الانتخابية الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات صاحبة الاختصاص في الاشراف والإدارة والتشكيل والتعيين. اللجان ليس من قبيل الغرابة المثيرة للاهتمام أن تجد استجابة من صاحب الأغلبية الذي يمتلك القدرة على تعديل القوانين بما يتفق ورغبته ولاتجد استجابة مماثلة من أصحاب الأقلية الذين مابرحوا يشككون في شرعية اللجنة ويتهمون الأعمال الصادرة عنها أنها غير شرعية رغم عجزهم عن تعديل القوانين بما يتفق وطموحاتهم حقاً إن المراقبين المحايدين قد يصابون بخيبة أمل وهم يستمعون لهذه المفارقات دون قدرة على معرفة الدوافع الخفية الكامنة خلف تلك المواقف المتشددة التي تأبى إلا أن ترد على الحسنة بالسيئة، وبدلاً من أن تعترف لصاحب الأغلبية بما قدم لها من المساندة وتشكر اللجنة العليا على ما قدمته لها من التنازلات عماهو مخول لها من الصلاحيات القانونية من منطلق حرصها على توطيد الثقة بينها وبين الأحزاب التي تشعر بالخوف مما تعانيه من الضعف إذا بها تتحول من النقيض إلى النقيض الذي يرفض بشدة تلك المواقف النبيلة والحريصة تقابلها بالويل والثبور وعظائم الأمور واتهامهم بماليس فيهم من العيوب زوراً ووصف كل مايصدر عن اللجنة العليا من أعمال بأنها غير مشروعة وأنها مرفوضة بشدة وليس لذلك أي مبررات موضوعية ومقنعة سوى التعنت الأقرب إلى جنون الاستكبار والاستهبال الناتج عن رغبة في الاستغفال المعبر عن الكراهية الشخصية منه إلى الخوف من عدم حيادية واستقلالية اللجنة العليا للانتخابات. أقول ذلك وأقصد به كيف نفسر عدم الرد على رسائل اللجنة وماحملته من الدعوة إلى المشاركة المباشرة في إدارة العملية الانتخابية على نحو لم يحدث في تاريخ العلاقات الدستورية والقانونية بين الهيئات والمؤسسات وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية المتنافسة بدافع الاقتناع بالتداول السلمي للسلطة عبر الشرعية الانتخابية، إلا بأن الطرف الرافض لدعوة المشاركة بادارة العملية الانتخابية بنفسه مباشرة ليس جاهزاً لدخول العملية الانتخابية في المواعيد الدستورية والقانونية فلايجد منطقاً لتبرير جاهزيته سوى المطالبة باللامعقول بدافع الرغبة في تحميل الحكم المحايد مسؤولية عدم جاهزيته وقد يكون ناتجاًعن عدم قدرته على المطالبة صراحة بتأجيل العملية الانتخابية إلى أجل غير محدد حتى يئس في نفسه القدرة المؤكدة بالفوز على غيره من المنافسين الذين يطالبهم بتسمية الأمور بمسمياتها وتحمل مسئوليات التأجيل دون إشارة إلى الأسباب الحقيقية لهذا التأجيل الناتج عن عدم جاهزية منافسيه معتقداً أن لديه من الشطارة والذكاء مايمكنه من تحويل الأبيض إلى أسود وتمرير الباطل بثوب الحق.. مفترضاً أن غيره أقل منه ذكاءً وأقل منه مقدرة على الدفاع عن نفسه رغم امتلاكه لما هو أوضح من الأدلة المؤكدة، يعتقد البعض أن المطلوب من الممانعة غير المبررة وغير المقنعة للآخرين ليس الحرص على حرية ونزاهة العملية الانتخابية بقدر مايستدل منه على رغبة أخرى لاعلاقة لها بالحرية وبالنزاهة. * قد تكون الرغبة في تأجيل الانتخابات على قاعدة من شناقة إلى شناقة فرج. * وقد تكون الرغبة في تزوير الانتخابات باعتباره الوسيلة المتاحة للحيلولة دون التأجيل. * وقد تكون الرغبة في الدخول في مساومات لاعلاقة لها بالانتخابات على قاعدة هذا لي وهذا لي من تقاسم سبق للدوائر الانتخابية. وفي جميع الحالات لايمكن للناس الاقتناع بما يصدر عنه من اتهامات لطرف يدعو صراحة إلى احلال إدارته الذاتية محل إدارته القانونية ويتنازل له عما كفل له القانون من الصلاحيات من منطلق الحرص على تبديد مالديه من الشكوك والأوهام الذاتية والاتهامية التي تلقي بعيوبها عليه ظلماً وعدواناً دون مستند ولا دليل مقنع. * اللجنة العليا بأغلبية ممثلي الأعضاء تدعو أحزاب المشترك إلى المشاركة بنسبة 46% من اللجان الاشرافية والأساسية والفرعية التي ستقوم بمراجعة وتعديل جداول الناخبين أي تدعوها إلى إدارة الانتخابات بنفسها من باب الثقة. وأحزاب اللقاء المشترك لا تكتفي بالضغط على اعضائها في عضوية اللجنة العليا وعدم السماح لهم في أداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، بل تتعمد الإعاقة عن طريق الامتناع الغير مبرر في تعبئة الدسكات المرسلة إلىها في حصتها من رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية والأساسية والفرعية التي ستقوم بمراجعة وتعديل جداول الناخبين. وفي الحالتين معاً تصر على رفض التعامل مع اللجنة العليا للانتخابات المشكلة حسب زعمهم من طرف واحد.. أي أنهم بهذا الموقف يصرون على مصادرة حق مجلس النواب المخول بترشيح قائمة ال15 لرئيس الجمهورية وحق رئيس الجمهورية صاحب الولاية الشرعية المعبرة عن إرادة الشعب في تعيين أعضاء اللجنة العليا على أسس وطنية وحزبية وبما لا يؤثر على ما تحتاجه من الحيادية والاستقلالية وهم أولئك الذين حصلوا على ثقة نواب الشعب وعلى ثقة رئيس الجمهورية فى آن واحد.. إنها أساليب رفض غير مبررة بصورة لا يقبلها العقل ولا يقبلها المنطق بأي حال من الأحوال القانونية قياساً بما هو سائد ومعمول به من الأنظمة والآليات الانتخابية في جميع الديمقراطيات الناشئة والناخبة. ماذا يريد هؤلاء لكي يعترفوا بشرعية اللجنة العليا ويحترموا ما يصدر عنها من القرارات التابعة من حرص على الاستقلالية والحيادية والحرية والنزاهة؟ وكيف يمكن لهم اقناع الهيئة الناخبة أنهم على صواب وأن غيرهم على خطأ؟ وكيف يمكن لهم أن يقنعوا الهيئات والمنظمات الدولية بصواب مواقفهم ومصداقية اتهاماتهم الظالمة الموجهة للجنة العليا للانتخابات المعروفة بكفاءتها المهنية وهل معنى ذلك أنهم لا يثقون بأنفسهم ولا يثقون باللجان التي يختارونها من أحزابهم ومن تنظيماتهم السياسية بمحض قناعاتهم الذاتية المتحررة من الضغط، إن من لا يثق بنفسه ولا يثق بأعضاء حزبه المطلوبين للمشاركة بدليل الحرص على حرية ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية سواء في مجال التنفيذ أو المراقبة على سلامة التنفيذ، لا يمكنه الاقتناع بما يصدر عن الآخرين حتى ولو كانوا من الملائكة طالماً لم تكن النتائج النهائية للعملية الانتخابية معروفة سلفاً أنها سوف ترسو لصالحهم دون غيرهم من المرشحين المنافسين بفرضيات قدرية وحتمية مسبقة لا مجال فيها للاحتمالات ولا مجال فيها للمفاجآت المعبرة عن ثقة الهيئة الناخبة المتهمة هي الأخرى بالانحياز لمصلحة صاحب الأغلبية الحاكمة. إن التعامل مع هذا المنطق الغير ديمقراطي والغير موضوعي أقرب إلى المستحيلات منه إلى الممكنات يستوجب وضع الدستور والقانون في الخلف والدخول في حوارات تقاسمية معروفة الوسائل والأهداف والنتائج غير قابلة للمجادلات وغير حاملة للمفاجآت الواعدة بالنجاح وبالفشل وهذه سلوكيات أقرب إلى الممارسات اللاديمقراطية منها إلى الممارسات الديمقراطية، لا يمكن التعامل معها إلا بما نص عليه الدستور والقانون من القواعد المنظمة للحقوق والواجبات والاختصاصات والصلاحيات والعلاقات التنافسية وذلك بالتأكيد ما اضطر اللجنة العليا للانتخابات إلى اللجوء إلىه في ممارسة الصلاحيات الدستورية والقانونية الموكلة إليها في تشكيل وتعيين اللجان المختلفة الإشرافية والأساسية والفرعية التي ستقوم بمراجعة وتعديل جداول الناخبين لأن سيادة القانون هي الأفضل الذي لا مجال فيه للدخول في مساومات يستدل منها على الانتقاص من هيبة القانون والتهاون في تنفيذه على جميع المواطنين وعلى جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية والمتسقبلية الذين سوف يشاركون في العملية الانتخابية، الهادفة إلى الاقتراب من غايتها التداولية المعبرة عن ثقة وقناعة الهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل وصاحبة المصلحة الحقيقية في التداول السلمي للسلطة بعد أن أكدت التجربة والممارسة العملية فشل المراضاة وأنه لا بديل عن العمل بالدستور والقانون دون حاجة للمدارات