أحسنت نقابة الصحفيين اليمنيين بإعدادها لمشروع ميثاق الشرف الصحفي ووضعه على طاولة الحوار لمناقشته وتزويده بالآراء الهادفة إلى تنظيم المهنة الصحفية وصون حرية الكلمة وحماية رسالتها المقدسة من السقوط في مهاوىء الانحدار والانحطاط والبذاءة والإسفاف.. المشروع وإن كنا نختلف حول صياغة كثير من نصوصه ونرى فيه النقص وعدم الوضوح، إلا أنه يعد مطلباً يجب التعجيل في مناقشته وإثرائه بالملاحظات ومن ثم إخراجه بصورته النهائية واضحاً وشاملاً لا رتوش فيه والعمل على تطبيقه على الواقع الصحفي في البلاد.. المشروع - المطلب والضرورة - ليس الهدف منه إيجاد مادة للمزايدة أو اعتباره بياناً مندداً يجب إطلاقه وإشهاره في حال تجاوز الكثير من الكتاب والصحف اللياقة الصحفية وابتعدوا كلياً عن شرف المهنة ورسالتها الإنسانية والأخلاقية. المشروع يهدف في الأساس إلى إعلاء شأن المهنة الصحفية ووضع الضوابط والآليات الكفيلة باحترام حرية الآخرين وبقيم وآداب وأخلاق المجتمع.. إلا أنه للأسف أغفل أو لم يؤكد بوضوح عدم المساس بالثوابت الوطنية أو الإضرار بمصالح الوطن العليا والتي يجب أن تكون خطوطاً حمراء لايمكن تجاوزها مطلقاً.. إن مسئولية الكلمة التي تنسب إليها تحتم علينا أن نقف أمام مشروع ميثاق الشرف الصحفي ببصيرة، بعيداً عن اللغط والمزايدات وبعيداً عن التلاعب بالألفاظ وماتتضمنه من لغو وإسفاف. مسؤوليتنا جميعاً نحن - الصحفيين - دون استثناء تحتم علينا التأكيد على ضرورة إخراج هذا الميثاق بلغة واضحة يفهمها البسطاء من الناس وعامتهم؛ كون الرسالة الصحفية تخاطب عقل القارىء البسيط ومشاعره وأحاسيسه وليست موجهة لفئة دون أخرى. يجب أن يدرك القارىء البسيط أن للصحافة ميثاقاً يحكمها وينظم مسارها ويؤسس لحرية سليمة تتفق إجمالاً على أن هناك قيماً لا اختلاف عليها ولا تجاوز لها وتتمثل بالصدق والالتزام بالمهنية واعتماد العقلانية والموضوعية والابتعاد عن الخطاب النزق والمحرض على الفوضى والكراهية والعنف، وإثارة المناطقية المقيتة. ليكن هذا الميثاق بعد تنقيحه وتصويب اتجاهاته وتوضيحها بشكل أكبر هو البداية الحقيقية لتأسيس صحافة ملتزمة تحترم العقل وتبتعد كلياً عن أية حسابات خاطئة أو تصورات مغلوطة.. وبعيداً عن الاشتغال بالحماقات. ليكن هذا الميثاق هو الحل لإيقاف هذا النزيف الحاد الذي أوصل صحافتنا إلى هذا المستوى المزري الذي نعيشه اليوم وينأى بالمهنة عن آدابها وأخلاقها ورسالتها القيمة. ليكن هذا الميثاق من أجل الوطن.. من أجل الكلمة.. ومن أجل إرساء قيم ومضامين مهنية توحد ولاتشتت.. تجمع ولاتفرق.. وتدفعنا للتفريق بوضوح بين الحقائق والأوهام. وبين الصدق والشطح. إن مشروع ميثاق الشرف الصحفي بحاجة إلى وقفة جادة للنقاش. ومن منطلق الحرص على تنقية الصحافة المحلية - الحزبية والأهلية - على وجه الخصوص من الشوائب العالقة عليها، والإيمان المطلق بالكلمة المسؤولة والرأي المتزن والرؤية الصائبة. أتمنى على جميع الزملاء قراءة المشروع ومناقشته بمسؤولية وبمهنية مجردة إذا كنا فعلاً نريد تصحيح المسار الصحفي الحالي وإرساء مضامين تنتصر لآداب وأخلاق المهنة، ولقيم وأخلاق المجتمع..