اللجنة العليا للانتخابات إحدى الهيئات الوطنية التي نص عليها دستور الجمهورية اليمنية واشترط فيها الحيادية والاستقلالية حتى تتمكن من إدارة العملية الانتخابية بين جميع المرشحين حزبيين كانوا أو مستقلين من أجل انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لا مجال فيها للتزوير والتزييف بأي حال من الأحوال، حيث نص قانون الانتخابات العامة والاستفتاء على كيفية تعيينها من قبل رئيس الجمهورية ومن بين قائمة تتكون من 15مرشحاً حاصلين على تزكية ثلثي اعضاء مجلس النواب، وألزم الأعضاء التسعة بعد أدائهم للقسم الدستورية تجميد نشاطاتهم الحزبية أثناء ممارستهم لمهامهم خلال مدتهم القانونية المحددة ستة أعوام زمنية. كما حدد عليهم عقوبات قانونية تصل إلى أربعة أعوام سجن وغرامات مالية تساوي كل ما صرف لهم من المستحقات المالية في حالة عدم تجميدهم لنشاطاتهم وانتماءاتهم الحزبية وفي هذا الإطار لا صحة مطلقاً لما تروج له أحزاب المشترك وصحافتها من اتهامات كيدية باطلة عن عدم شرعية اللجنة العليا للانتخابات وعما يصدر عنها من أعمال طالما كانت مستوفية لكافة الشروط الدستورية والقانونية سواء من حيث الترشيح أو من حيث التعيين أو من حيث الاستقلالية والحيادية وتجميد الأنشطة الحزبية التي تتعمد فرضها عليها بالدعاية السياسية. والصحيح الذي يتنافى مع الدستور والقانون ما تقوم به أحزاب المشترك من تسلط على اعضاء اللجنة العليا المنتمين إليها، أو غير المنتمين إليها واتهامهم زوراً بما ليس فيهم من العيوب أقول ذلك وأقصد به لفت نظر المشترك إلى خطورة ما يقومون به من هيمنة غير مبررة على اللجنة بهدف اخضاعهم لما يصدر عنهم من البيانات والتدخلات الحزبية المؤثرة في استقلاليتهم وحياديتهم وعلى حرية ونزاهة العملية الانتخابية بشكل عام. وهم يعلمون سلفاً أن اللجنة العليا لا تستطيع تنفيذ مهامها إلا من خلال الحيادية باعتبارها المسئولة عن تشكيل وتعيين اللجان الانتخابية المساعدة لها وعن إدارتها والإشراف عليها بما يتفق مع السلطات والصلاحيات المخولة لها وفقاً للقانون واللائحة التفسيرية والأدلة التنفيذية والتعليمات التنظيمية المحكومة بنصوص قانونية ناجعة من حرص الشرع على سلامة الإجراءات ذات الصلة بالمساواة وبين جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية، وبين جميع المرشحين المتنافسين في العمليات الانتخابية حزبيين كانوا أو مستقلين. أقول ذلك وأقصد به أن اللجنة العليا للانتخابات هيئة وطنية محكومة بقانون نتج عنه سلسلة من اللوائح والأنظمة التابعة من حرص الجميع على سلامة وحرية ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية، حيث كفل القانون ولائحته التنفيذية ومجمل الأدلة التغييرية لأصحاب المصلحة في العملية الانتخابية أن يقوموا بمراقبة ما تقوم به اللجنة واللجان الإشرافية والأساسية والأصلية والفرعية التابعة من مهام عملية ومن حقهم ليس فقط رصد الأخطاء ورفع التقارير إلى اللجنة العليا بل ومن حق أصحاب المصلحة اللجوء إلى اللجان الأساسية لتقديم ما لديهم من طعون بالمخالفات بل وفي اللجوء إلى المحاكم الابتدائية في تقديم ما لديهم من طعون في القرارات الصادرة عن اللجان الأساسية ومن حقهم أيضاً اللجوء إلى المحاكم الاستئنافية للطعن في القرارات الصادرة عن المحاكم الابتدائية سواء في مرحلة مراجعة وتعديل جداول الناخبين والناخبات أو في مرحلة الدعاية والاقتراع والفرز وإعلان النتائج وصولاً إلى حق المرشحين الذين يحالفهم النجاح في الطعن بنجاح خصومهم أمام المحكمة العليا للنقض بل ومن حقهم أيضاً تقديم ما لديهم من طعون أمام مجلس النواب المسئول عن الفصل في صحة عضوية اعضائه وهكذا يبدو واضحاً أن الذين يتم إعلان اسمائهم وتسليمهم شهادات الفوز حق الطعون من الحقوق المكفولة لاعضاء الهيئة الناخبة وحق الرقابة مكفولة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وحتى الهيئات والمنظمات والدول الداعمة للديمقراطية التي تبدي استعدادها للمشاركة في الرقابة الانتخابية. لأن الرقابة هي وسيلة الاطمئنان الوحيدة على سلامة ما تقوم به اللجنة من إجراءات بعد أن استبعدت نفسها من المشاركة في اللجنة العليا واللجان التابعة لها، بمحض قناعاتهم ووفق ما لديها من الحسابات السياسية نظراً لما تمثله المشاركة في الإدارة الانتخابية وعدم الحصول على الأغلبية من الإحراجات التي تضعف مصداقية خطاباتها المعبرة عن رغبة ذاتية في التشكيك وتحميل الآخر مسؤولية ما تحتمله من الإخفاقات الانتخابية المبنية على تصورات وأوهام استباقية مستمدة مما أسفرت عنه تجاربها الانتخابية السابقة من نتائج متواضعة لا تتفق مع ما لديها من الطموحات الغير موضوعية الأقرب إلى الأطماع منها إلى الاقتناع. وإنه لمن دواعي الأسف الشديد أن تبقى الأحزاب الباحثة عن النجاح مشدودة إلى الذكريات المؤلمة لاختناقات الماضي، في وقت يفترض فيه أن تكون همومها الحاضرة مشدودة إلى المستقبل بكل ما يستوجبه من التفاؤل والأمل والعمل الدؤوب استناداً إلى التقييمات العملية المحكومة بالموضوعية المبنية على الكلمة الأمينة والمسئولة والخالية من المكايدات السياسية الضعيفة المصداقية كمدخل وحيد للحصول على ثقة الهيئة الناخبة الغير مستعدة للدخول في مغامرات مبنية على التضليل وما يترتب عليه من نتائج سلبية مؤلمة، عدم الدخول فيها أفضل من الدخول المحفوف به الكثير من الأخطار ذات العواقب الوخيمة على المصلحة الوطنية الباحثة عن مقومات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوازية في وقت لم تعد فيه الدعاية المكشوفة والمجربة سلاحاً يعول عليه في خداع الهيئة الشعبية الناضجة ولا في خداع الرأي العام وحتى الهيئات والمنظمات الدولية التي علمتها التجربة والممارسة أن تعليق الأخطاء الناتجة عن التصور الذاتي على شماعة اللجنة العليا للانتخابات وما هو نافذ من القوانين لعبة سياسية وحزبية مفضوحة لا تتفق مع الاتجاهات العامة لتقارير المراقبين المحايدين الذين شهدوا بسلامة المعايير الانتخابية الوطنية المتناسبة مع ما هو معمول به من المعايير الدولية المنظمة بحرية ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية. ومعنى ذلك أن البكاء على الماضي وإن كان له مبرراته من وجهة نظر القيادات الحزبية الفاشلة للحفاظ على ماء الوجه أمام قواعدها الحزبية وأمام الرأي العام تجنبها المساءلة عما حدث من الاخفاقات الانتخابية الذاتية، إلا أنه يتحول إلى كتلة من التداعيات السلبية الأقرب إلى حصاد ما خلف الإحباطات المرضية من حصاد اليأس القاتل لما يحتاجه المستقبل من الفاعلية المعبرة عن الاحساس بحيوية الاستعداد للمنافسة الانتخابية الواعدة بالنجاحات المعبرة عن المشقة بعدالة الهيئة الناخبة جنباً إلى جنب مع التفاؤل المعبر عن الثقة بالنفس باعتبارهما معاً مفتاح التداول السلمي للسلطة بما ينطويان عليه من الشجاعة النابعة من حرص على المصداقية في التعاطي المسئول مع المواقع القيادية في سياق المنافسة والمشروعية الانتخابية المعبرة عن احترام الإنسان لذاته والاعتراف بالآخر بجهوده مهما كانت مؤلمة ولما تقوم به اللجنة العليا من إدارة سليمة نابعة من احترامها للهيئة الناخبة القول الفصل في حجب الثقة ومنح الثقة لهذا الطرف أو ذاك. إن القاعدة الشعبية الفاعلة هي الوسيلة الوحيدة للنجاح بقوة ومن كانت قاعدته الانتخابية ضعيفة يخرج بقدر من المقاعد عكس الذي لا قاعدة شعبية له لا يمكن أن يخرج من المنافسة بنصيب أكبر من قاعدته الانتخابية حتى ولو كانت اللجنة العليا واللجان المساعدة تنتمي إليه وتأتمر بأوامره طالما كانت محاطة بالشفافية وبالرقابة المركبة الحزبية والمحايدة قد يقول الاخوة الذين يمثلون الأقلية البرلمانية إن اللجنة العليا هي التي تمنح القوة وهي التي تفرض الضعف فنقول بالأحرى إن النجاح والفشل إرادة شعبية بحتة لا يمكن لأحد على الإطلاق التدخل للحيلولة دون تمكينها من ممارسة حقوقها الانتخابية المعبرة عما لديها من قناعات استناداً إلى سلسلة واضحة من الضمانات الإدارية والتنظيمية والقضائية المكفولة لها تجعل التدخل في شئونها جريمة انتخابية يعاقب عليها القانون وإلا كيف يمكن لأحزاب المشترك أصحاب الأقلية البرلمانية في مجلس النواب الحالي وما قبله أن يفسروا نجاحهم في دوائر معينة وعدم نجاحهم في دوائر أخرى طالما كانت خاضعة لإدارة انتخابية واحدة، ولماذا لم تلجأ تلك القواعد الناخبة إلى التعبير عن سخطها إلى التعبير عن سخطها على ما نلمسه من انحياز اللجان الانتخابية المنفذة للعملية الانتخابية من خلال ما هو مكفول لها من حقوق ديمقراطية متمثلة بحق الطعون وبحق المراقبة إلى جانب ما كفله لها القانون من حقوق أخرى مثل حق الإضراب وحق التظاهر والاعتصام بصورة جماهيرية فاضحة للمزورين وكيف تفسر الضعف الجماهيري لتلك المسيرات والتظاهرات والاعتصامات الحزبية المجربة التي دلت على فاعلية سياسية ضعيفة تؤكد سلامة النتائج الانتخابية.