أفرحني كثيراً حصول الطفلة الصغيرة نجود على جائزة مجلة "جلامور" باعتبارها "امرأة العام 2008" لتنضم إلى ركب عدد من النساء في العالم اللواتي حصلن على هذه الجائزة، من بينهن هيلاري كلينتون، ووزيرة الخارجية الأمريكية الحالية كونداليزا رايس.. لكن قيمة الجائزة كبيرة بالنسبة لنجود، ذلك أن هذه "المرأة" لا يتعدى عمرها ال10 سنوات، فقبل نحو عامين أرغمت هذه "المرأة" ذات الثماني سنوات من الزواج برجل يكبرها بنحو ثلاثة أو أربعة أضعاف عمرها، وهي حالة تتكرر في عدد من مناطق البلاد، خاصة الريفية منها، حيث لايزال الزواج المبكر للفتاة جزءاً من موروث اجتماعي وقبلي نرفض تركه، مع علمنا أنه انتهاك صارخ لآدمية الإنسان. نجود، الطفلة ذات السنوات العشر، تسلمت جائزتها في نيويورك، وهي لم تكن تعلم أنها في هذا السن يمكن أن تصبح "امرأة مشهورة" تنافس الممثلات والسياسيات في العالم، وقد كبرت قبل الأوان. لدينا في الحقيقة أكثر من نموذج "نجود" فليست نجود وحدها من تزوجت باكراً، فعشرات الفتيات يجري تزويجهن من قبل أهاليهن من دون أن يعلمن أنهن قادمات على مرحلة جديدة من حياتهن، ربما الظروف وحدها من ساعدت نجود على أن تواجه أعراف وتقاليد المجتمع الذي ينتهك إنسانية الصغار من دون رادع حكومي واضح. لا أريد أن أقول إن الحكومة تشجع على الزواج القسري للفتيات صغيرات السن، لأن الدستور يمنع ذلك بصراحة، إلا أن حالة عدم معاقبة من يرتكب مثل هذه الأعمال، سواء الأزواج، الذين يقدمون على الزواج ببنات بأعمار بناتهم أو الآباء الذين يقبلون على تزويج فتياتهم صغيرات السن، هو من يساعد على انتشار هذه الظاهرة المقلقة في البلاد. نحن بحاجة إلى صرامة أكبر لتطبيق القوانين، لأن عدم تطبيقها يجعل دستور البلاد بلا قيمة حقيقية، وتطبيق القانون يجب أن يسري على كافة مناطق البلاد لا أن يتم حصره على مناطق بعينها وترك بقية المناطق للأعراف والتقاليد. يجب التعلم من نموذج "نجود" التي أظهرت للعالم كم نحن متهاونون في تطبيق قوانينا، وكم نحن بحاجة للعودة إلى إنسانيتنا التي دهستها الأعراف والتقاليد التي ولّى زمنها. نجود، الطفلة ذات السنوات العشر صارت "امرأة العام 2008" هل هي مفارقة، أم واقع يجب أن نتجرعه بعد أن تعدى نموذجها الوطن ووصل إلى كل العالم؟!.