بانتهاء اللجان الفرعية من قيد وتسجيل الناخبين الجدد ونقل الموطن الانتخابي واستبدال البطاقات الانتخابية التالفة أو الفاقدة تبدأ اللجان الإشرافية والأساسية مرحلة جديدة تبدأ بتعليق ونشر الجداول القديمة والجديدة في مقار اللجان الأساسية في 301 دائرة انتخابية.. وسيكون من حق كل ذي مصلحة الاطلاع عليها وتصويرها وفحصها والطعن أمام اللجان الأساسية بالأسماء المكررة أو بصغار السن أو بالذين ليس لهم مواطن انتخابية أو بالوفيات أو بالأسماء الوهمية والمطالبة بحذفهم من السجل الانتخابي الجديد والقديم وإضافة أي ناخبين حرموا من القيد والتسجيل بغير حق. وسيجدون لدى اللجان الأساسية كل التعاون في قبول الطعونات الصادقة وإصدار القرارات القانونية بدافع الحرص على تصويب الأخطاء وإزالة الظلم من أجل سجل انتخابي سليم وخالٍ من الإشكالات والشبهات والعيوب؛ لا يحتوي فقط سوى على أسماء الهيئة الناخبة الصحيحة كأساس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وخالية من التزوير والزيف بكل أشكاله. وهذه مسئولية وطنية تقع على كاهل الجميع حزبيين كانوا أو مستقلين، أعضاء مجلس نواب أو أعضاء مجالس محلية، مشائخ كانوا أو عدولاً أو أمناء أو مدرسين أو أعضاء منظمات مجتمع مدني أو غيرهم من الشخصيات الاجتماعية وخطباء المساجد وقادة نقابيين ورجال صحافة واعلاميين وأطباء ومهندسين وعمال وفلاحين ومواطنين يمنيين بلغوا السن القانونية. أقول ذلك وأقصد به دعوة الجميع إلى ممارسة حقوقهم وواجباتهم تجاه تصويب وتصحيح السجل الانتخابي في جميع أنحاء الجمهورية نظراً لما يترتب على الحذف والإدراج من أهمية سياسية مرتبطة بتطوير الديمقراطية مستخدمين لذلك كافة ما هو مكفول من درجات التقاضى التي نصّ عليها قانون الانتخابات ابتداءً من اللجان الأساسية ومروراً بالمحاكم الابتدائية ونهاية بالمحاكم الاستئنافية على امتداد الفترات الزمنية التي تبدأ من تاريخ تعليق ونشر جداول الناخبين، وتمتد إلى نهاية المرحلة الثانية والأخيرة من مراجعة وتعديل جداول الناخبين التي تصل إلى 71 يوماً من تاريخ انتهاء مهام اللجان الفرعية من المرحلة الأولى طبقاً لما نصّ عليه الجدول الزمني الذي أقرّته اللجنة العليا. هكذا يتضح مما تقدم أن التشكيك بالسجل الانتخابي له بداية وله نهاية؛ يصبح بعدها مجرد دعاية سياسية أقرب إلى لغة المزايدات والمكايدات والمناكفات الإعلامية منه إلى الحقيقة الموضوعية لما فيه من الإساءة إلى التجربة الديمقراطية وليس الحرص على تطويرها، مغالطات يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها سوى أولئك الرافضين للديمقراطية الذين لا يثقون بقدراتهم التنافسية في جميع المحطات الانتخابية الرئاسية والنيابية والمحلية، وهؤلاء لا يثقون بأنفسهم ولا يثقون بالشعوب التي ينتمون إليها وما لديها من الهيئات الانتخابية. نجدهم لذلك ينشغلون أو يشغلون شعوبهم في معارك دعائية لا ينتج عنها سوى خلق الأزمات السياسية المفتعلة والهادفة إلى إهدار الطاقات وتدمير الإمكانات في متاهات مما يترتب عليها من الصراعات والحروب الناتجة عن خوف على السلطة أو عن طمع فيها بأساليب انقلابية غير انتخابية هي أقرب إلى المؤامرات والأساليب الفوضوية العنيفة منها إلى الأساليب والوسائل السلمية المحكومة بمرجعيات دستورية وقانونية نافذة. قد يكون من السهولة بمكان في أجواء الحقوق والحريات الخاصة والعامة على رجال السياسة ورجال الصحافة أن يكرسوا جهودهم لتقديم وتسويق الأساليب والوسائل الفوضوية الباطلة بثوب في ظاهره الحق وفي باطنه الباطل الذي ينطلي على أولئك الذين يفكرون بعواطفهم بعض الوقت لكنهم لا يستطيعون إقناع أولئك الذين يفكرون بعقولهم الأقدر على الإقناع والاقتناع كل الوقت من الذين يرفضون إخضاع الحقوق والحريات لغير ما تنص عليه المنظومات الدستورية والقانونية من حقائق واقعية. أقول ذلك وأقصد به أن الحقوق والحريات لا تناقش في خطابات وبيانات ومقالات دعائية فوضوية بقدر ما تخضع لقواعد ونصوص وأحكام قانونية تجعل النظري مطابقاً للعملي والواقعي، فهاهم الذين أكثروا في خطاباتهم وبياناتهم وكتاباتهم التشكيك بسلامة السجل الانتخابي يقفون وجهاً لوجه أمام واقع مختلف ومحرج يتأكد فيه للذين تعاملوا في خطاباتهم بمصداقية بحسن نية أنهم غير صادقين فيما ينسبونه إلى السجل الانتخابي من الأخطاء واتهامات التزوير؛ لأنهم يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يقولون. ولو كانوا على قدر من المصداقية وأمانة المسئولية لكانوا في مقدمة أولئك الذين يحرصون على تصويب الأخطاء عن طريق اتباع ما نصّ عليه القانون من مواعيد ومن ضمانات كفيلة بإحقاق الحق وإبطال الباطل في وقت يعلمون فيه أن مراجعة السجل الانتخابي لا تكون ممكنة إلا في نطاق الدوائر الانتخابية، حيث يعرف فيها الناس بعضهم البعض، أما في نطاق الجمهورية فإن معرفة الناس تصبح غير ممكنة على مستوى المحافظة وقد تكون مستحيلة على مستوى الجمهورية. ولما كان الانطلاق من الأدنى أو الجزئي هو المدخل للصعود إلى الأعلى أو الكلي؛ فإن المراجعة في نطاق كل دائرة انتخابية وفي نطاق كل مركز من المراكز التي تتكون منها الدائرة الواحدة هي الكفيلة بالوصول إلى مراجعة أوسع وأشمل على مستوى المحافظة وعلى مستوى الجمهورية. حتى الحصول على السجل الانتخابي وتصويره في نطاق المركز وفي نطاق الدائرة سوف يمكّن الحزب والتنظيم السياسي من الحصول على جداول الناخبين على مستوى المحافظة وعلى مستوى الجمهورية لاسيما أن لهذه الأحزاب قواعدها وقياداتها الموجودة في كل محافظة وفي كل دائرة إذا لم أقل في كل مركز من المراكز الانتخابية ال «5620» التي تتكون منها الدوائر الانتخابية ال «301» الممثلة في مجلس نواب الجمهورية اليمنية. وفي هذا الإطار فقد حرصت اللجنة العليا للانتخابات على تكثيف حملة توعوية نابعة من الحرص على سلامة ونظافة السجل الانتخابي، حيث استهلت هذه المرحلة في إبلاغ جميع الهيئات والمنظمات والشخصيات الاجتماعية وفي مقدمتها الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأجهزة الحكومية ذات العلاقة؛ مطالبة الجميع بإعطاء التصويب ما يستحقه من أهمية عبر تقديم كافة أشكال التفاعل والتعاون الهادف إلى إزالة ما قد يظهر على السجل الانتخابي من الاختلالات والأخطاء المعيبة التي يستدل منها على ما اقترفته بعض العناصر وبعض الأحزاب من ممارسات فوضوية بدوافع انتخابية غير نزيهة وغير أمينة. والأمل كبير في استجابة الجميع أياً كانت أحزابهم في الحكم أو في المعارضة؛ لأن السجل الانتخابي ملك لجماهير الشعب اليمني وهيئته الناخبة صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة. أخلص من ذلك إلى القول إن اللجنة العليا للانتخابات العامة والاستفتاء جادة وحريصة بصدق أن تكون هذه المراجعة فرصة لكل الأحزاب ولكل التنظيمات السياسية ولكل المنظمات الحقوقية والشخصيات الاجتماعية المستقلة لمراجعة جداول الناخبين من منطلق الاقتناع بسلامة السجل الانتخابي من أجل انتخابات برلمانية حرة ونزيهة ومنصفة لكل المرشحين المتنافسين على ثقة الهيئة الناخبة.