في مدينة تعز يتلألأ مع قسمات الوجوه «قبول تام» تعودنا هذه الأيام على استقرائه وملاحظته في الهاجس الشعبي لأبناء المحافظة فيما يتعلق بالإجراءات المختلفة التي تتخذها قيادة المحافظة ومجلسها المحلي سواء كان ذلك باستكمال مشروع متعثر أو بإدخال خطط وبرامج خدمية في مرحلة التنفيذ أو بصرامة رقابية أذكى جذوتها الأخ المحافظ.حمود خالد الصوفي. والواقع أن كلاً من متتبعي خيوط ذلك الرضا يعزونه دوماً إلى علاقة ثقة وشيجة استزرعها الأخ المحافظ الصوفي مع بواكير مهامه بعد انتخابه محافظاً لها، فأنبتت طموحاً وتطلعات كثيرة أبرزها إحساس كبير بأن تشهد الأيام القادمة معالجة مثلى لقضية المياه وهي بالطبع لن تكون سوى تسريع حصيف لجهود تحويل مياه الساحل إلى عذب فرات سائغ للشاربين. هي بالفعل فرادة اكتسبها المحافظ الصوفي.. و مرجع ذلك - في رأيي - إلى تمثله لهموم الكثيرين ورغبته في وضع بصمات واضحة تعزز من مكانة هذه المحافظة ومنزلتها الكبيرة في صناعة تاريخ اليمن الحديث..يمن الثورة والاستقلال والوحدة. أما عن هذا الاطناب أو السرد المطول الذي بدأتُ به فينبغي أن تعلموا أنني - عَلِمَ الله - ما جلبت هذا الاطراء ليكون سلّماً حديداً كان أو خشباً أبتغي به أي سماء أو أحقق به أية مغانم، فغاية الأمر أن أقول لكل بائع افترش الرصيف: إن هذا المحافظ «الصوفي» معروف بسعيه الحثيث إلى تحقيق النجاح ومن كانت هذه صفته فإنه لاشك يتمتع بنظرة حصيفة ومعالجة سليمة لما يطرح أمامه من قضايا، ولذا فإن الأخ المحافظ حتماً لن يترك هذا التقليد السنوي «صراع باعة الأرصفة مع رجال البلديات» لن يسمح بتركه مستمراً يتفاقم كلما حلت بشائر العيدين «عيدالفطر وعيدالأضحي ». هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن راجي عفو ربه - كاتب هذه السطور - طامع بأن يقول شيئاً حول هذه القضية وهو الآن يستسمح سيادة المحافظ بأن ينثر كنانته بين يديه فربما وجد الإخوة في المجلس المحلي في هذه الكنانة ما كان «أمرّ عوداً وأصلب مكسراً» فيرمون به أولئك الطامعين الذين ألفوا الاسترزاق من عرق البسطاء والاستلذاذ بتأزيم المواقف ورؤية مصادر العيش المتواضعة تعصف بها الجرافات «وجرذان» المخازن، وما يتبع ذلك من مطاردات يومية، تبعث في نفس البائع السخط وفي نفس المشتري القلق، فهذه جملة «حواشي» و«استدراكات» أحببت أن أدونها على هامش المخالفات غير الحضارية لبائعي الأرصفة وأصحاب «البسطات» أوجزها في هذه النقاط : إن مثل هذه المظاهر العشوائية «باعة الأرصفة» يستحيل استحالة مؤكدة أن تخلو منها مدينة أوروبية أو آسيوية خلواً تاماً فأصحاب «البسطات والفرشات» يربضون عند أقدام أبراج هونج كونج وبكين بل قد تحتضنها الجولات والجزر الوسطية في بعض شوارع لندن. إن الرواية العالمية ولاسيما الروايات العاطفية التي نقلت إلى اللسان العربي تكشف دوماً - بتأثير من البيئة الغربية - عن مظاهر عشوائية في المدن، فأبطالها يبتاعون وروداً من الأرصفة، وقلما تحدث الروائيون العالميون عن حوانيت يأخذ منها العاشقان ورودهما التي يتبادلانها كل يوم. إن ظاهرة «كتب الأرصفة» المنتشرة في أركان الشوارع العامة ووسط التجمعات السكانية المزدحمة أسلوب حضاري من الدرجة الأولى، وانتشارها يعد في الحقيقة معياراً لسوق الثقافة الرائج ،واستمرارها إحياء لعملية التثقيف والقراءة التي تمثل المطلب الأول لتحقيق التنمية البشرية، ومحاربة مثل هذه المظاهر معناه تجفيف لمنابع الثقافة ومحاصرتها في مكتبات «خاملة» مترامية الأطراف لا يقبل عليها إلا النزر اليسير من القراء. إن منح أيام معدودة قبل كل عيد كفرصة لأصحاب «بسطات الملابس الجاهزة وغيرها من مستلزمات العيد» واستتباع ذلك بدور رقابي وتنظيمي من الجهات المعنية لن يكون هذا المنح إلا إحياءً عظيماً لمبادئ التكافل الاجتماعي وحب الخير للآخرين، وأقصد ب «حب الخير للآخرين» أصحاب المحلات التجارية الذين ينزعجون من أصحاب البسطات ظناً منهم أن هؤلاء الباعة يستقطبون فئات كثيرة تجد احتياجاتها عندهم، وأنا هنا لن أجيب عن هذا الوهم لأن الراسخين في فن البيع والشراء من أصحاب المحلات التجارية يقولون إن وجود باعة الأرصفة يسهم في إحداث قوة شرائية كبيرة لأن الشارع بوجودهم يصبح مهوى لأفئدة كثيرة من مختلف الفئات وأنواع الدخول وفي النهاية لن يأخذ أي إنسان إلاَّ ما كتب له. إن وجود هؤلاء الباعة سبب مباشر في إعاقة حركة السير وتكثيف نوبات الزحام اليومي حتى في أوقات ما بعد الذروة لكن يبقى هذا ضرراً يحاول أفراد المرور إزالته وأضر من ذلك أن نستقبل عيد الأضحى بكتائب جديدة من البطالة والأسر المعوزة. إن غض ولو جزءاً عن الطرف عن هذه الشريحة في حقيقته واجب تقتضيه طبيعة المرحلة الاقتصادية ويشكل دعماً لاقتصادية «السوق الحر» الذي تعمل به بلادنا، هذا لا يعني اهمال كل مظاهر الايذاء والعشوائية السافرة ومحاسبة كل من يخل بأمن واستقرار الأسواق. إن إزاحة أسواق القات عن المدن الرئيسية فيما لو تم يعد إنجازاً حضارياً استثنائياً، وذلك لأن «القات» سلعة رائجة تجلب للمدينة الضوضاء والازعاج، لذا فمن حق المدينة أن تتنفس ومن حق «المقوّت» أن يأتيه «الزبون» ولو كان في مدينة «كركتة». إلى هنا وسأقف لأقول: عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.