هو ابن عم الإمبراطور الفرنسي الأشهر نابليون بونابرت، واسمه شارل لويس نابليون بونابرت، وشهرته نابليون الثالث، وقد انتخب رئيساً للجمهورية الفرنسية الثانية، غير أنه قاد انقلاباً أبيض، وحولها إلى امبراطورية ناصباً نفسه امبراطوراً . هذه الشخصية البارزة نموذج للشقاء الزوجي فقد خاض غمار حياة زوجية محزنة.. تزوج نابليون الثالث عن حب عميق بعد أن وقع في غرام الإسبانية الفاتنة «ماري اوجيني دومنتيغو». يومها كان مشروع زواجه مثار جدل ومعارضات حامية استمرت وقتاً طويلاً، فقد كانت للزيجات الامبراطورية شروط قاسية من حيث الحسب والنسب والعلم والثقافة ونمط الحياة وغيرها من نواميس كانت الامبراطوريات الأوروبية تحرص على الالتزام بها في الزيجات الامبراطورية، وهكذا وقع نابليون الثالث في الشبكة الشائكة للشروط والمطالب المعيارية المطلوبة لزواجه، ولهذا لم يوافق القصر ولا مستشاريه على زواجه من الخلاسية الاسبانيولية «ماري أوجيني دومنتيغو» لكنه أصرّ على موقفه، وتمكن أخيراً من نيل مُبتغاة فتزوجها، ومن المُحزن أنه أصيب بخيبة أمل كبيرة بعد أن تحولت مغالبته البطولية إلى سبب لشقائه. لقد اعتبرت ماري اوجيني زواجها من الامبراطور مجرد خطوة عابرة ومع سبق الإصرار، فقد ظلت على يقين بأن نابليون الثالث سيستبدلها بأُخرى في أية لحظة، وهكذا استغرقت في بحر أوهامها القاتلة واشتعلت الغيرة الحادة في نفسها، فكانت تعد عليه أنفاسه وتراقبه ليل نهار، بل إنها كانت تتعمد التلصُّص على ثيابه ومكتبه، وتفتعل التصرف بطرائق غرائبية في المناسبات الاجتماعية التي تجمع الامبراطور بزواره ومساعديه . عاش نابليون الثالث زمناً اجتماعياً مُرعباً، وتأثرت ملكاته وقدراته الإبداعية والقيادية، وكان قابضاً على جمرة الزواج الذي ارتضاه رغماً عن نصائح الناصحين ومعارضة المعارضين. كان يتأبّى على الحقيقة مُفضلاً الانصرف إلى مأساته حتى لا يشمت به الشامتون، غير أن كل هذه التضحيات لم تجعل زوجته ماري أوجيني ترعوي وتتراجع، بل ازدادت عتواً ونفوراً، وهكذا سجل التاريخ الإنساني نموذجاً لزواج مقموع بالغيرة العدمية، والأوهام الكبيرة. عاش الامبراطور مع زوجته حياة ضنكى، ولم تشفع له قصوره ومكانته، ولم يذق طعم السعادة الحقيقية معها. [email protected]