من زمن بعيد ونحن نعالج قضية التأمين الصحي، وهو ضمن أبسط حقوق المواطن على وطنه وعلى أهله المواطنين أصحاب الحكومة. عادة أقوم بزيارة بعض أصدقائي المرضى في المشافي أو المنازل، خاصة وقد كثر المرض غير التقليدي الذي أصبح يصيب الناس كالسرطان والجلطات والصدمات العصبية، هذه الأمراض التي لم يكن للناس عهد بها من قبل. لقد لاحظت أن المرضى لا يفكرون بالمرض نفسه، فلقد كان عليهم أن يقبلوا بقدرهم، فليس ثمة خيار، إلا أن الذي يخافون منه هو علاج المرض بتكاليفه الباهظة. فعلاج هذه الأمراض غير التقليدية غالٍ جداً، ثم ما يلزم من متابعة للعلاج وتوفير راحة تصبح صعبة ومستحيلة، لأن هذه الراحة لا تأتي والقلب والعقل والأسرة المطحونة تفكر بقيمة العلاج. كان الأمل أن يوجد قانون تأمين صحي لكل المواطنين، لأن ذلك من أبسط واجبات الدولة نحو مواطنيها. ونحن لا نريد تكليف الدولة بعلاج المواطن المصاب بالخارج وإن كان هذا واجبها في حال تعذر العلاج بالداخل. ولكن بما أن الإمكانات قد توفرت في بعض المشافي العامة والخاصة بالداخل، فلِمَ لا تقوم الدولة برعاية هؤلاء المرضى غير التقليديين في الداخل؟!. ولم يوجد حتى الآن من ينفذ هذا الواجب، ولا أعلم متى سيأتي، فمادام أن هناك قادرين يعالجون أنفسهم وذويهم في الخارج، ومادام أن هناك مقابر تتسع للجميع، فالأمر غير مهم؟!. كنت أطمع من هذه المشافي الخيرية التي تأسست بنية أهل الخير أن تقوم بالواجب، دعماً للفقراء، ولكن يظهر أن بعض هذه المشافي لا تفرق بين المشروع التجاري والمشروع الخيري، بل إن هذه المشافي تضاعف الأسعار ولا تحرص على الجودة!!. والسؤال: هل يُترك المريض يتنازعه أمران: الفقر والمرض، الشعور بالألم غير التقليدي والشعور بمواجهة الفاقة؟!.