كانت لفتة مباركة من الأخ الرئيس باعتباره ولي الأمر المسؤول عن الأمة في كافة الأحوال حين وجّه فخامته بشراء علاج الفشل الكلوي من شركة سويسرية «روش» وهذا العلاج مكلف جداً ولا يستطيع المريض الفقير أن يوفره، وبعض المرضى بل كثيرون منهم يرى الموت أهون وأفضل من أن يمد يده لغير الله. وكان الأصل في إنشاء المشافي الخيرية أن تقوم بعلاج الفقراء بدل أن تخضع للمرض الكاذب أو سفر الذين يزعمون أنهم مرضى وهم كاذبون إلى الخارج، غير أن هذه المشافي أو بعضها أصبح غير قادر على ترك «الطبع» الذي غلب التطبع؛ فأصبحت تقدم العلاج بسعر مضاعف، وتقدم الكشف الطبي بسعر مضاعف، والموت بسعر مجاني، والصحة لا تقدم ولا تؤخر إزاء هذا الاستثمار المستغل، مع أن المطلوب هو أن يتذكر هؤلاء الخيرون أن الفكرة كانت نبيلة وصادقة. لا أحد يدّعي أن الدولة تقصر في بذل المليارات من أجل الصحة، وهذا ما يؤكده مؤخراً فخامة الرئيس الذي وجّه بشراء علاج الفشل الكلوي القاتل، ولكن جهات المتابعة لا تقوم بواجبها، فهذه العلاجات التي تقوم الدولة بشرائها يسرق كثيراً منها الذين لا يشبعون من الحرام. وكنت أطمع أن تثار قضايا في المحاكم لتقدم لصوص العلاج إن وجدوا إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وأطلب إلى النيابة أن تقوم بالتحقيق مع بعض مديري المشافي الحكومية على وجه التحديد لترى ملفاتهم وسلوكهم الشائن، حيث أثروا على حساب الموتى، الذين كانوا مرضى، وعلى حساب المرضى الفقراء الذين كانوا أغنياء. إن حال المشافي الحكومية على درجة من الإهمال والفوضى، ومن ينكر هذا فعليه أن يقوم بزيارة لهذه المشافي، ولا أدري ما هي مهمة الأجهزة المكلفة بالمراقبة والمحاسبة والتحري لتحقق في عشرات دعاوى المراقبين التي تذهب إلى أن بعض مديري المشافي يقومون ببيع العلاجات إلى مخازن الأدوية بأثمان بخسة. ولا أدري أىن تذهب هذه المؤسسات التي يقول المواطنون إنها غائبة عن عبث العمليات التي يجريها بعض الأطباء المهملين الذين يتصدرون لإجراء هذه العمليات، فيذهب ضحيتها عشرات المرضى كل يوم. فهل هذا صحيح، فليس معقولاً أن يموت هؤلاء العشرات دون إهمال كثير من الحالات ولا يقدّم هؤلاء المهملون من الأطباء أو الممرضين إلى العدالة ؟!.