عام يمضي وعام يأتي ونزيف الجرح العربي يزداد غزارة، مع مرور الأيام والسنوات، بعد أن فشلت كل المحاولات العربية في تطبيبه واستعصى عليهم تضميده ووقف نزيفه المستمر منذ أربعينيات القرن الماضي، هذا الجرح الغائر في جسد الأمة العربية والإسلامية اسمه فلسطينالمحتلة. فلسطين التي كانت ولاتزال مسرحاً مفتوحاً لعصابات القتل والإرهاب الصهيوني تستبيح كل ماعلى الأرض الفلسطينية من بشرٍ وشجر وحجر فتقتل وتحرق وتدمر ومنذ ذلك الوقت الذي زرعت فيه هذه النبتة الخبيثة والدولة اللقيطة فوق الأرض العربية لايكاد يوم يمر دون إراقة دم عربي على يد هؤلاء الصهاينة، فلماذا العجب مما يجري اليوم لإخواننا في قطاع غزة من ذبح وتنكيل فليست المرة الأولى التي تقدم فيها دولة الصهاينة على اقتراف مثل هذه المجازر البشعة في حق الشعب العربي الفلسطيني، ولن تكون غزة هي المذبحة الأخيرة بكل تأكيد، فالتاريخ الدموي لهذه الدولة اللقيطة متخم بالأعمال الإجرامية والمذابح المروعة التي راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ولبنان بدءاً من دير ياسين مروراً بصبرا وشاتيلا وقانا وجنين ووصولاً إلى مذبحة غزة المستمرة والمتصاعد عدد ضحاياها كل يوم منذ السبت الماضي وإلى أجل غير قريب، فلا عجب إذاً فيما تقوم به اسرائيل، ولكن كل العجب مما نقوم به نحن العرب شعوباً وأنظمة؛ فالشعوب المغلوبة على أمرها والمكبلة بقيود أنظمتها لاخيار أمامها غير الخروج بمسيرات الغضب لتنفس عن بعض ماتتأجج في صدورهم من لهيب القهر والسخط على مايجري لإخوانهم في فلسطين وعلى ما آلت إليه شعوبهم العربية والإسلامية من ذل وهوان، معتبرين أن هذه التظاهرات والمسيرات هي كل ما تستطيع تقديمة لنصرة إخوانهم ورفع العدوان عنهم، أما الأنظمة فكل مايقدرون عليه أن يدعوا لعقد قمة عربية طارئة.. وبين مؤيد ومعارض لعقد قمة عربية تستمر اسرائيل دون هوادة في عدوانها على غزة وقتل سكانها لا فرق عندها بين طفل وامرأة وشيخ ولابين مسجد وجامعة ومنزل، فكلها أهداف مباحة لاسرائيل، وحين يتفق قادة الأنظمة على عقد قمتهم تكون اسرائيل قد أنهت ما بدأته من عدوان وأنجزت مهمتها وتكون قد أجهزت على الآلاف من أبناء غزة المحاصرة وأصبح عقد القمة غير ذي جدوى وليس لها أي داع أبداً من جانب أن الحرب الإسرائيلية على أبناء غزة تكون قد انتهت ومن جانب آخر ماينتج عن القمم العربية مهما كانت ظروف انعقادها معروفة لدينا ونحفظها عن ظهر قلب أليس كذلك؟؟ فلماذا نلوم الآخرين لأنهم لم يقفوا معنا؟؟ ولماذا مازلنا مصرين على تسمية أمريكا راعية السلام ونطالبها بالضغط على اسرائيل لوقف مجازرها ضد العرب في فلسطين.. وجميعنا يعرف أن ماتقوم به اسرائيل بمباركة امريكية؟؟ وكلنا نعرف الموقف الامريكي المنحاز لاسرائيل وأن الإدارة الامريكية لو خيرت بين سلامة شعبها وسلامة اسرائيل لاختارت وفضلت اسرائيل وشعبها على الامريكيين! ولماذا نلوم ونستنكر المجتمع الدولي على مواقفه المتخاذلة ونحن نعلم علم اليقين أن هذا المجتمع الدولي الذي نطالبه باتخاذ موقف إيجابي هو من أباح لاسرائيل ارتكاب جرائمها وتحت شرعيته وأن هذا المجتمع الدولي ماهو إلا الوجه الآخر لاسرائيل وورقة تستخدمها ضد العرب ليس إلا؟؟ وخلاصة القول: إن المظاهرات والمسيرات التي تجتاح معظم الدول العربية والإسلامية والغربية إن لم تغير الواقع وتجبر القادة على تلبية مطالبها فلاداعي لخروجها وإن القمة العربية إن عقدت ولم تحقق مطالب الشعوب العربية ولو بسحب مبادرة السلام العربية وقطع العلاقة مع اسرائيل فلا داعي أبداً أن تعقد حتى لاتصاب الشعوب العربية بخيبة أمل في قادتها أكثر مما هو الآن.. وكل عام جديد والعرب يشجبون وينددون ويستنكرون بشدة!!