لكم الله يا أهل غزة في محنتكم التي واجهتموها بثبات وبطولة واستبسال أمام الوحشية الصهيونية اللا إنسانية التي أمعنت الفتك بكم وارتكبت المجازر التي يندى لها الجبين خصوصاً تلك التي طالت الأطفال وصغار السن وما تعرضوا له من عمليات إبادة وتصفية جسدية بواسطة أصناف من القنابل الفوسفورية المحرمة دولياً التي أحالت أجساد الأطفال إلى أشلاء متناثرة وهي مشاهد مؤلمة شاهدناها عبر شاشات الفضائيات وماخفي أفظع. يحدث كل ذلك واسرائيل غير آبهة باتفاقيات حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يبدو أنها مجرد عبارات فضفاضة لاجتلاب عطف ودعم الدول المانحة، فما جرى في قطاع غزة محرقة صهيونية اغتالت براءة الطفولة واستباحت حرمتها في انتهاك صارخ لقيم الإنسانية التي لطالما أطربنا بها أركان الحكم في الكيان الصهيوني الغاشم، في حين يحكي لنا التاريخ عشق هؤلاء القتلة والسفاحين للدماء وتفننهم في قتل الأطفال بروح همجية وإجرامية منذ بدء الاحتلال الصهيوني الغاشم لأرض فلسطين مروراً بالأعمال الوحشية بحق الأطفال في لبنان وسوريا. وهاهو التاريخ مجدداً يحكي للعالم أجمع عدواناً سافراً بحق أطفال غزة الذين صاروا هدفاً لنيران العدو المحتل مثلهم مثل بقية أبناء القطاع رجالاً ونساءً.. ومازلت أتذكر بحرقة وأسى ذلكم المشهد المأساوي التي تعرضت له إحدى الأسر الفلسطينية وسط قطاع غزة والتي نكبت باستشهاد خمس فتيات في سن الطفولة كُنَّ في داخل حديقة المنزل ينتظرن وجبة الإفطار الشهية التي كانت والدتهن بصدد الانتهاء من تجهيزها ولكن طائرات «إف 16» الأمريكية الصنع حالت دون ذلك وحرمتهن من تناول وجبة الإفطار عندما وجهت نحو منزلهن قذيفة صاروخية فارقن الحياة على إثرها وسط حالة من الذهول في أوساط المحيط الأسري وألحقت بالأم والأب الصدمة.. كيف لا وهما يشاهدان زهرات حياتهما بين عشية وضحاها فارقن الحياة ضمن قوافل الشهداء الذين سقطوا تحت وطأة عدوان العدو المحتل.. ولعل هذه المأساة التي تعرضت لها هذه الأسرة تأتي في سياق جملة من المآسي التي تعرض لها أبناء قطاع غزة عامة والأطفال منهم خاصة، وما أكثر الحالات التي تحكي مأساة أطفال غزة الذين يدفعون أرواحهم الطاهرة فداء للعزة والكرامة والصمود في مقارعة العدو المحتل. ولا غرابة أن تتعالى الأصوات المنددة بهذه المجازر الوحشية وتتزايد وتتوالى المظاهرات المستنكرة لصور القتل والإبادة التي تعرض لها أطفال قطاع غزة بعد أن تأكد - وبما لايدع مجالاً للشك - بأن الأطفال صاروا هدفاً لنيران العدو الصهيوني المنطلقة براً وبحراً وجواً.. ومازلت أتذكر ذلكم الأب الفلسطيني الذي ظهر على شاشة قناة الجزيرة متحدثاً باللغة العبرية وهو يعرض ثلاثة من أطفاله وهم في أكفانهم بعد تعرضهم لرصاصات حية اخترقت أجسادهم في مشهد مؤلم. فأي ذنب اقترفه أطفال غزة حتى يواجهوا بهذا الإرهاب الصهيوني الوحشي، أين حقوق الطفل وأين المواثيق الدولية؟. ألا تعتبر هذه المجازر الوحشية بحق أطفال قطاع غزة جرائم إبادة وتطهيراً عرقياً تستدعي أن يُحاكم عليها قادة العدو الصهيوني الغاشم، أم أن ذلك خط أحمر لا يجوز الحديث عنه؟!. الكثير من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة فجعت باستشهاد الكثير من الأطفال وصغار السن، حيث تجاوزت الاحصائيات الأولية للعدوان من ضحايا استشهدوا منذ بداية العدوان في صفوف الأطفال إلى أكثر من 014 أطفال فيما أصيب أكثر من «0041» آخرين بجروح غالبيتهم إصاباتهم خطيرة إثر تعرضهم للقنابل الحرارية وقنابل الفوسفور الأبيض التي تحرق الجلد والعظام، كل ذلك والعالم يتفرج بصمت مريب وكأن المسألة لاتعنيهم.. فإذا كانت أمريكا وحلفاء اسرائيل متفهمين للدوافع والأهداف التي تسعى اسرائيل لتحقيقها من وراء عدوانها على قطاع غزة ويباركون أعمال القتل والهدم والتخريب بحق أبناء القطاع بحجة الخلاص من حركة حماس كونها رفضت الخنوع والاستسلام لاسرائيل ورفضت الاعتراف بها، فماذا تقول هذه القوى في المجازر التي يتعرض لها الأطفال في قطاع غزة؟. ماذا يقولون بحق الطفلة جميلة هياش ابنة العاشرة من العمر التي بترت ساقيها إثر تعرضها لقصف جوي مروع دونما ذنب اقترفته؟. وماذا يقولون بحق الطفل لؤي صبح الذي فقد عينيه في قصف صهيوني وهو الذي لم يتجاوز سن التاسعة من العمر؟!. بالتأكيد إنهم يأسفون لذلك، ولكن ماذا يُجدي الأسف وماذا لو كان هؤلاء الضحايا في صفوف الأطفال الأبرياء سقطوا على الجانب الصهيوني ماذا سيكون الرد؟ هل سيكتفي هؤلاء بالأسف والأسى أم سيكون الرد عنيفاً وقوياً جداً؟!. نحن نعرف طبيعة الرد، وفي هذا السياق لا بُد من وقفة جادة للهيئات والمنظمات الحقوقية والإنسانية المعنية بحقوق الطفل بالتحرك السريع لتحريك دعاوى قضائية ضد سفاحي العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ولابُد من تحرك عربي مماثل ينتصر لمظلومية أطفال قطاع غزة وحقوقهم المنتهكة وطفولتهم المعتدى عليها عمداً وعدواناً. وأمام ذلك أتطلع نحو المزيد من التفاعل في أوساط الأطفال العرب من أجل تصعيد احتجاجاتهم ضد الجرائم التي تعرض لها أطفال قطاع غزة وإعلان التضامن معهم والمساهمة في تقديم المساعدات والتبرعات لهم للتخفيف من معاناتهم ومشاركتهم هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها على خلفية العدوان الصهيوني الإجرامي.. وأجدها فرصة للتعبير عن بالغ تقديري للمواقف النبيلة التي جسدها أطفال بلادنا إزاء هذا العدوان الوحشي على قطاع غزة حيث كانوا في مقدمة المسيرات والتظاهرات المنددة والمستنكرة للأعمال الوحشية المرتكبة بحق أطفال ونساء ورجال قطاع غزة وكانوا في مقدمة المتبرعين لإخوانهم في قطاع غزة بمصروفهم اليومي داخل المدارس والأحياء السكنية في تصرف دفع الكثير من كبار السن إلى الاقتداء بهم في مد يد العون لنصرة إخواننا في قطاع غزة. وأجدها فرصة لأُسدي عبارات الشكر والثناء لقناة الجزيرة الفضائية وهي التي أسهمت بتغطيتها المهنية لأحداث العدوان على غزة في كشف المجازر التي يتعرض لها أطفال غزة من موقع الحدث لحظة بلحظة فاضحة بذلك زيف الادعاءات الصهيونية بعدم استهدافها للمدنيين والأطفال بالصوت والصورة على مدار الساعة لتثبت للعالم الوجه القبيح لهذا الكيان الغاشم ووحشيته اللامتناهية والتي لم يسلم منها حتى الأطفال الذين لا يطلقون صاروخاً ولا يحملون بندقية ولكنهم يطلقون صرخات الألم والمعاناة ويحملون الحسرة والأسى في قلوبهم وهم يشاهدون طفولتهم البريئة تنتهك على مرأى ومسمع العالم قاطبة. ٭ فيا أطفال غزة.. هنيئاً لكم الشهادة ومبارك عليكم شرف البطولة والتضحية والفداء،لا تخافوا ولا تحزنوا، فأنتم مصدر عز وفخر لهذه الأمة.. أنتم من أرعبتم العدو المحتل بثباتكم وإيمانكم بعدالة قضيتكم رغم صغر سنكم ولين عظامكم ،يعجز المرء عن إنصافكم ولكني هنا لا أجد إلا أن أقول لكم سوى تلك الكلمات العظيمة والخالدة التي سطرتها شاعرية الشاعر العربي القدير الراحل نزار قباني مخاطباً إياكم يا تلاميذ غزة بكلمات تكتب بماء الذهب نختار منها : يا تلاميذ غزة علّمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا علمونا بأن نكون رجالاً فلدينا الرجال صاروا عجينا علمونا كيف الحجارة تغدو بين أيدي الأطفال ماساً ثمينا كيف تغدو دراجة الطفل لغماً وشريط الحرير يغدو كمينا كيف مصاصة الحليب إذا ما اعتقلوها تحولت سكينا يا تلاميذ غزة لا تبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا اضربوا اضربوا بكل قواكم واحزموا أمركم ولا تسألونا نحن أهل الحساب والجمع والطرح فخوضوا حروبكم واتركونا إننا الهاربون من خدمة الجيش فهاتوا حبالكم واشنقونا ولا نامت أعين الجبناء [email protected]