تشهد الساحة الوطنية هذه الأيام حراكاً سياسياً منقطع النظير، حيث يتهيأ شعبنا اليمني لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في السابع والعشرين من أبريل القادم.. وكما جرت العادة في الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت في أبريل «93-1997م-2003م» فإن حمّى الانتخابات تصيب الجميع..ويزداد عدد الطامحين للوصول إلى قبة البرلمان في كل انتخابات سواء من الرجال أو النساء وهو طموح مشروع وحق مكفول للجميع دون استثناء، فقد نص الدستور أن الشروط المطلوبة لعضوية مجلس النواب هي «أن يكون يمنياً وأن لا يقل سنه عن 25 عاماً، وأن يكون مجيداً للقراءة والكتابة، وأن يكون مستقيم الخلق والسلوك مؤدياً للفرائض الدينية، وأن لا يكون قد صدر ضده حكم قضائي بات في قضية مخلةّ بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره». وعلى الرغم من تحمس الكثير من النساء للترشح لعضوية مجلس النواب إلا أن فوزهن ظل محدوداً جداً، ففي الانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت بعد إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية «أبريل 1993م» لم تتمكن سوى امرأتين من الفوز فقط من عدد المتقدمات للترشح والبالغ عددهن اثنتين وأربعين امرأة؛ منهن ثمان عشرة امرأة ترشحن من قبل الأحزاب وأربع وعشرون امرأة ترشحن كمستقلات. وفي انتخابات 1997م تراجع عدد المتقدمات للترشح إلى أقل من النصف، حيث تقدمت للترشح عشرون امرأة ولم تفز منهن أيضاً سوى امرأتين فقط، أما في انتخابات 2003م فقد تراجع عدد اللواتي ترشحن إلى إحدى عشرة امرأة ست منهن مرشحات حزبيات وخمس مستقلات ولم تحقق الفوز منهن سوى امرأة واحدة وهي أوراس سلطان ناجي المرشحة الوحيدة باسم المؤتمر الشعبي العام؛ حتى إنه أصبح يطلق على مجلس النواب الحالي «مجلس ال300 رجل وامرأة». فعلى الرغم من زيادة الوعي وزيادة عدد النساء اللواتي قيدن أسماءهن في سجلات قيد الناخبين وشاركن في الإدلاء بأصواتهن في انتخابات 2003م، حيث بلغ عددهن ثلاثة ملايين وأربعمائة وأربعة عشر ألفاً وستمائة وأربعين ناخبة؛ إلا أن عدد المتقدمات للترشح انخفض إلى ربع عدد اللواتي تقدمن في أول انتخابات برلمانية عام 1993م، وهو تراجع كبير جداً غير متوقع. وكان المؤتمر الشعبي العام قد اقترح تخصيص «20» دائرة مغلقة للمرأة، ولكن هذا المقترح لم يُجدِ في ظل النظام الانتخابي السائد، وكان فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية قد أعلن مبادرة بتخصيص نسبة 15% من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية للنساء؛ ولكنه لم يحدث تجاوب مع هذه المبادرة. ومع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري القادم «انتخابات مجلس النواب» ازداد عدد الندوات وورش العمل والحلقات النقاشية حول المشاركة السياسية للمرأة ،ومع بدء العد التنازلي لموعد فتح باب الترشح ازدادت حمّى الانتخابات تصاعداً ومع مرور كل يوم نسمع عن إعلان عدد من النساء رغبتهن للترشح لخوض غمار انتخابات مجلس النواب القادم مثلهن مثل بقية الرجال الطامحين للوصول إلى قبة البرلمان. ففي محافظة تعز هناك عدد كبير من النساء أكدن أنهن سيتقدمن للترشح؛ منهن كمستقلات أو باسم أحزاب المعارضة؛ ومنهن باسم المؤتمر الشعبي العام مثل رحمة محمد صالح الشرعبي، رئيسة القطاع النسائي للمؤتمر بالمحافظة والتي تقدمت بطلب الترشح باسم المؤتمر في الدائرة «30» وكذلك وداد عبدالرحمن الرميمة في نفس الدائرة وسعاد العبسي، رئيسة فرع اتحاد نساء اليمن في تعز سابقاً في الدائرة «35» ورجاء عبده علي في نفس الدائرة وأنيسة محمد السلمي في الدائرة «33» وهدى عبده غانم في الدائرة «56» وهدية البريهي في الدائرة «59» وكاتبة العامري في الدائرة «36» والدكتورة خديجة السياغي في الدائرة «31» ونجلاء ناجي البعداني في الدائرة «34» هذا على مستوى محافظة تعز. وحسب معلوماتي فإن هناك عدداً من النساء في بقية المحافظات وبالذات في أمانة العاصمة وعدن ولحج وإب وحضرموت سيتقدمن للترشح سواء باسم المؤتمر الشعبي العام أو باسم أحزاب المعارضة المعترف بها أو كمستقلات، وهناك من سيتقدمن باسم منظمات المجتمع المدني. وكما قالت إحدى الأخوات الراغبات في الترشح: «نحن مصممات على كسر الحاجز الذي وضعه الرجال أمامنا للدخول إلى قبة البرلمان؛ وسنشكل تحالفاً نسوياً لتحقيق الفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس النواب القادم، ونحن مصممات على تنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية بإعطاء المرأة نسبة 15% ونحن واثقات من دعم فخامته لنا، لأنه يؤمن بأن المرأة هي نصف المجتمع الذي يستحيل دونه أن يتقدم ويتطور. على السادة الرجال الذين يحتكرون مقاعد البرلمان أن يفسحوا لشقيقاتهم النساء مقاعد بجانبهم تحت قبة البرلمان، وعليهم أن يثقوا ثقة مطلقة أن حفيدات بلقيس وأروى سيكنّ عند المستوى الذي يليق بهن كحفيدات لأعظم امرأتين حكمتا اليمن إحداهما قبل الإسلام والأخرى في العهد الإسلامي. وبقي فقط أن نقول: هل فعلاً ستشكل النساء تحالفاً قوياً لانتخاب ممثلات عنهن في البرلمان القادم، أم أنهن سيظللن مجرد صوت لترجيح كفة فوز الرجال؟!. ذلك ما سنكتشفه يوم 27 أبريل القادم، وهو يوم غير بعيد.