هناك حقيقة تقول: إن الطريق إلى مستقبل آمن لبلادنا اليمن يمر عبر طريق استكمال بناء الدولة المؤسسية، كما تشير هذه الحقيقة إلى أن هذا المشروع الذي يجند له فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية حفظه الله يحتاج إلى تآزر جميع القوى السياسية في الساحة اليمنية. كما تشير كذلك إلى أنه لا يتأتى تحقيقه كاملاً في ظل تواتر التأزمات الاجتماعية والاحتقانات المفتعلة؛ إذ أنه بدلاً من المضي في طريق استكمال بناء الدولة المؤسسية بخطى حثيثة يضطر الأخ الرئيس إلى التوقف لحل ما يستجد من الإشكالات والشواغل الجانبية التي تسببها هذه التأزمات وتلك الاحتقانات الناتجة عن إفرازات قوى ووجاهات قبلية متنفذة مثل التمرد والتقطع والحرابة، ومحاولة البعض عرقلة طريق الدولة المؤسسية الحديثة وإعادتها إلى ما كانت عليه في السبعينيات. هذه الإشكالات تشكل هماً لا يقل ثقلاً عن الهموم السياسية والاجتماعية الأخرى التي يفكر الأخ الرئيس المعلم في تجاوزها ليتفرغ لمشروعه الكبير للولوج باليمن بوابة المستقبل الآمن، هذه البوابة التي لا تريد تلك القوى المتنفذة أن تدخلها اليمن لأنها أساساً تتعارض مع مصالحها القبلية الذاتية الضيقة، مع أنها تتبجح في تصريحاتها وبياناتها السياسية بأن لديها برنامج إصلاحات يهدف إلى إقامة الدولة ولكن على طريقتها الخاصة. لقد دأبت هذه القوى على أن تكون مصدر تهييج وتصعيد لكل ما من شأنه تأجيج أوار الاحتقانات والتأزمات وذلك عن طريق ما تطلقه من تحليلات وأحكام وتأويلات غير مسئولة لكل ما يستجد في هذا الوطن، مثل ظاهرة الفساد الذي لا تتورع عن تغذية منابعه تلك القوى نفسها، وظاهرة الانفلات الأمني في بعض المحافظات مثل محافظة «أبين» والذي هو من صنع تلك القوى القبلية المتنفذة، ومسألة نهب الأراضي وما يسمى ب«الحراك السلمي» إلى حد يخيل للمواطن أن هناك تدهوراً كبيراً قادماً ليكتسح البلاد والعباد، وأن الحكومة وصلت إلى طريق مسدود لإيقاف هذا التدهور المزعوم. ولا تريد هذه القوى أن تنظر إلى الجانب المشرق من جهود الحكومة ومواقفها الشجاعة الأخيرة من ترشيد النفقات وإعلان حالة التقشف لمواجهة موجة الأزمة المالية القادمة على الشرق الأوسط خلال هذا العام، كما أنها -أي القوى المتنفذة - لا تنظر إلى تلك الجهود المبذولة لإحلال الأمن والاستقرار ومحاصرة الانفلات الأمني هنا وهناك؛ لأنها ترى أن هذه الجهود لا تخدم مصلحتها أصلاً. ما أشرنا إليه إيجازاً من عوامل ومعوقات استكمال مشروع البناء المؤسسي للدولة الحديثة هو قضية القضايا التي تشغل خاطر فخامة الأخ الرئيس، وتحاول تلك القوى والوجاهات القبلية صرفه عنها، غير مدركة أن إعاقتها لهذا المشروع لا يستبعد أن نعاني من مخرجاته في المستقبل؛ لأن طريق العدالة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي والتقدم يمر عبر هذه البوابة الرئيسة للمستقبل الآمن والمتطور.