يعتقد البعض أن شعار اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس كل عام قد فقد مصداقيته وأنه لم يعد سوى مجرد واجهة تحاول الدول الغربية فرض نموذجها الاجتماعي الخاص بالمرأة حتى على تلك المجتمعات المختلفة معها مثل المجتمعات العربية الإسلامية على سبيل المثال. وفي الوقت نفسه نفهم أن إقرار الأممالمتحدة لهذا اليوم من كل عام جاء ليكون مناسبة عالمية للاحتفال بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، حتى إنه في بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في مثل هذا اليوم سنوياً. وبين اتهامات البعض وبين مقاصد الأممالمتحدة التي تعد اليمن عضواً فيها كيف يمكن لنا أن ننظر إلى هذه المناسبة وطنياً؟ وهل لنا الحق أن نسأل عن جدوى أن يكون للمرأة يوم عالمي تشحذ خلاله المنظمات النسوية كل هممها للاحتفال واستعراض الانجازات التي تحققت خلال عام مضى مهما كانت متواضعة أو قياسية؟. شخصيا لا آبه كثيراً لكل الاحتفالات «المناسباتية» وما أكثرها على مدار السنة لأنها تجعلنا نشعر أننا نختزل كل الأنشطة خلال عام كامل في يوم واحد، فلا نلتفت إلى إهداء الأمهات سوى في عيد الأم ولا نكرم العامل سوى في الأول من مايو بل رأينا أن الغرب المتفكك اجتماعياً قد سن للحب عيداً تم نقله لنا وأصبح كثيرون منا بكل أسف يتباهون به وينساقون مثل العميان في تطبيق طقوسه وشر البلية ما يضحك. لكن ماذا عن يوم المرأة العالمي؟. قبل أكثر من عشر سنوات شاركنا في دراسة عربية طبقت في أربعة أقطار عربية منها اليمن حاولت تحليل صورة المرأة في وسائل إعلام هذه الأقطار، واهتمت الدراسة بمعرفة مدى الأهمية التي توليها وسائل إعلام هذه الدول للمرأة بتحليل عينة محترمة من الصحف اليومية قبل أسبوع من 8 مارس وبعده، وكانت معظم النتائج بطبيعة الحال مخيبة للآمال خاصة آمال النساء في الاهتمام بقضاياهن إعلامياً، ولم تأت ذروة الاهتمام بهن سوى في يوم 8 مارس ثم خفتت من جديد لنقع في فخ المناسباتية مع كل موضوع يجدّ وعلينا تذكره مرة كل سنة. والأكيد أن الوضع اليوم قد تغير إلى الأفضل؛ على الأقل على المستوى الإعلامي إذ أصبح بإمكاننا أن نتصفح ونطالع كثيراً من المقالات التي تتطرق إلى هموم المرأة وقضاياها المختلفة في المجتمع، كما اتجه كمّ معقول من منظمات المجتمع المدني إلى مناصرة قضاياها، غير ما نحن متحمسون له وطنياً وما نراه أكثر جدوى من الاحتفال وتدبيج المقالات عن النساء وأوضاعهن في اليمن أن نوظف هذا اليوم من كل عام ليكون نقطة انطلاق متجددة نحو تقييم ما أنجزناه جميعاً من أجلها «أماً وأختاً وزوجة وابنة بل إنساناً في أوسع أطياف الوصف اتساعاً» وبين ما نخطط حقيقة للقيام به خلال العام القادم من أجل حصد مكاسب أكثر تعود على المجتمع كله بالخير والنماء. إننا نأمل أن نجعل من هذا اليوم - لا مجرد مناسبة روتينية ومملة للاحتفال - يوماً عظيماً للحصاد وجني ثمار ما زرعنا ونزرع من جهود ومناصرة وتربية، وتوعية وتقنين وتعليم للنساء مع كل يوم تشرق فيه الشمس وتغرب. [email protected]