لماذا الطلاق وقد كان الحب جارفاً والعواطف مشتعلة؟ ولماذا الطلاق وقد تم القران بموافقة كل الأطراف وفي مقدمتهم صاحبا الشأن «العروس والعريس» اللذان قررا أن الزواج حرام عليهما إذا لم يتم بموجب اختيارهما ورغبتيهما تتويجاً لأمير الحب الذي تربع ملكاً فوق قلبيهما؟؟ أيليق بعد أن امتلأ البيت بالبنين والبنات أن يحصل الطلاق؟؟.. يقول هو: لقد خاب ظني بها، حين وجدتها تحمل في رأسها مساوئ تربية خاطئة جعلت منها دمية جامدة لاتقيم للعواطف وزناً، إلاَّ أن تكون «أي العواطف» وسيلة للمقايضة !! أحبك موت إذا اشتريت لي «الحزام» وأنت بخيل إلاَّ إذا اشتريت لي الشيء الفلاني فأنت أكرم من حاتم الطائي.. كان ذلك ممكنا قبوله في بداية شهورنا الأولى وتمر السنون على غير مانحب.. هي تطلب الكثير وأنا أعطي على مضض! وقد فشلت فشلاً ذريعاً في إقناعها أن العواطف مسألة مقدسة ولايجب أن تكون موضع مساومة،وليس هناك مايقابل الحب من عطاء إلاَّ الحب نفسه،لكنها لم تفهم.. مع الأسف كانت مفتقدة للحكمة ورصانة التفكير، وقد كنت مستعداً أن أقايض بشعرة واحدة من حسن الرأي وسلامة التفكير عندها، كل جدائل شعرها الجميل وضفائرها المملوءة جاذبية وسحراً في حالة تعرضها لأي مكروه، بمعنى آخر لم يكن ليزعجني أن يتحول رأسها إلى صلعة «كالبطيخة» مادامت تملك تلك الشعرة من حسن التدبير وسلامة التفكير واعتزال الرأي، لكنها مع الأسف جعلت محاسنها كلها تدور في حلقات مفرغة،خالية من العواطف الحقيقية النبيلة التي تجعل من الزوجين قطبين مختلفين فقط في جسميهما ليتحقق من ذلك شدة التجاذب كما يحدث في الطبيعة بين قطبين مختلفين، أماالائتلاف الحقيقي بين الزوجين فليس مكانه الجسد وإنما مكانه النفس أو القلب وإن شئتم فاقرأوا ما جاء في كتاب الله تعالى حول هذا الموضوع:« ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..». فالجسم بكل مايملك من مقومات الجمال عند المرأة أو الرجل لايمكن أن يُعَوَّل عليه في تحقيق المودة والرحمة.. كما أن الحب لايمكن مقايضته إلاَّ بحب مثله أو أشد منه، أما أن يقايض بمعايير الذهب واللؤلؤ فتلك مقايضة خاسرة ،وكم بيتاً تقوض أركانه بسبب هذا النوع من المقايضة هذا كان رأيه هو .. فماهو رأيها؟.. قالت:ليس مهماً الآن أن أكون أنا مسؤولة عن حصول أبغض الحلال إلى الله أو يكون هو، فقد تم الطلاق وانتهى الأمر، وإذا كنت سأكشف هنا بعض الحقائق،إنما لكي تستفيد الفتيات والنساء من أخطائي في التعامل مع أزواجهن.. لقد نشأت في أسرة ميسورة الحال، لكن والدتي لم تكن قد حصلت على أي قدر من التعليم، فهي لم تدخل مدرسة أو حتى «معْلامة» بذلت كل ماكانت تقدر عليه من جهد في تنشئتنا على الاستقامة والتقاليد المتعارف عليها في مجتمع يشوب سلوكياته وأعرافه الكثير من الأخطاء والسلبيات وكنت أسمع في بعض الأحيان من فتيات ناضجات وعلى قدر كبير من الفهم والوعي أن أعرافنا وتقاليدنا في كثير من الأحيان لا علاقة لها بالإسلام.. فالعقيدة الإسلامية تنكر الكثير من المفاهيم التي تعمق الخلافات بين الزوجين،فهو «أي الإسلام» دعوة متقدمة راقية إلى التحاب والتواد بين الزوجين،ومع الأسف الشديد لم أستطع الاستفادة من توجيهات صاحبات هذا النمط من توعية المرأة وإرشادها، بل كنت في أغلب الأحيان أسخر من كلام الشيخات كما كنت أسميهن ،وكانت حولي مجموعة من الفتيات اللاتي يُطربنني ويمتدحن طريقتي في السخرية، وقد لعبت هذه المجموعة من الصديقات دوراً رئيساً في إفساد حياتي الزوجية، فقد كنت أنقل لهن مقدار ما يكنه لي زوجي من حب وهيام ومايربط بيننا من مودة وإعجاب متبادل، فأخذن على عاتقهن إحداث غسيل مخ لقناعاتي ومفاهيمي لأعلم منهن أن الرجال ليس لهم أمانة، وأنه لابد من أخذ الحيطة في التعامل معهم، فالرجل لايبحث عن شيء سوى عن جسد المرأة،فلا يجب على الزوجة أن تأمن مكر الرجل، لأنه إذا وجد الأمور عند زوجته سهلة، بطر وتجبّر وتكبّر عليها، فلابد للمرأة «الشاطرة» أن تأخذ الثمن من زوجها أضعافاً مضاعفاً، أن تشعره أنها ليست رخيصة وإنما هي باهظة التكاليف،وهذا هو الشيء الوحيد الذي يضمن أن لايفكر الرجل بامرأة أخرى غير زوجته..!! لقد كنت أحب زوجي حباً كبيراً وكان هو أيضاً يحبني،ولم تكن عواطفي تجاهه مزيفة ولكنني كنت أطبق المبادئ والقيم في التعامل معه من صديقاتي اللاتي كن يحرضنني على طلب الطلاق، لكي أختبر حبه لي، ولما نفذ زوجي ما طلبته منه بإلحاح شديد واستجاب للصرخات الهيستيرية التي أوصينني باتخاذها كأقصى اختبار يجب أن تجربه المرأة على زوجها لكي تتأكد من حبه لها، اختفت صديقاتي من الساحة وتركنني وحدي أواجه مرارة الطلاق وقسوة الحياة.