الاعلام هو لسان حال الأمة، وهو ترجمان حاضرها ورؤى مستقبلها وهو من جهة أخرى ضميرها في التعبير عن قناعاتها الفكرية والروحية والعقائدية والانسانية في الحياة.. ناهيك عن كونه اللاعب الكبير للدور الأكبر في المعترك الحياتي بين بني البشر على ظهر البسيطة، فهو في السلم كما هو في الحرب، وهو في مواقع الانتاج والابداع كما هو في مواقع الآثار المطمورة. والثورة المعلوماتية الكبرى التي وصل إليها العقل البشرى المبدع بل والعبقري خدمت أكثر ما خدمت «الإعلام» وكأن الطفرة التكنولوجية في الجوانب الاذاعية والتلفزة والنت..إلخ قد أتت فقط للارتقاء بالإعلام في أداء دوره داخل منظومة الكيان العام للحياة أرضاً وإنساناً وفكراً وسلوكاً الدور الذي توجب القيام به وفق معطيات ومعايير وثوابت متعددة قوامها أولاً وأخيراً خدمة الانسانية وقضاياها العادلة بعيداً عن الأدوار الثانوية التي كُلّف الإعلام القيام بها خارج إطار رسالته الأساس وهذا بالطبع انحراف بالإعلام عن مساره الصحيح ابتدعته القوى الشريرة في العالم منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية ومنذ الهجمات الاستعمارية على الشعوب وكان يطلق عليه الطابور الخامس إلى أن اشتد وزاد سوءاً في ظل الصهيونية والماسونية العالميتين فيما يسمى ب«اللوبي الاعلامي العالمي» الذي جعل من الاعلام أداة متوحشة ضد أرض وشعب فلسطين وحريتهما وكرامتهما في إطار الحملة الكبرى ضد العرب والعروبة والأرض العربية والاسلام.. إلخ. والذي وبعد انتشار النت ومواقعه المليونية والفضائيات وأعدادها الكبيرة أصبح في متناول الجميع وعلى مرأى ومسمع من الجميع الرئيس والمرؤوس والوزير والغفير والغني والفقير وكلما ازداد المتوحشون في العالم المستقوي على الضعفاء توحشاً ازداد الإعلام الموجه «اللوبي» شراسة في الالتفاف على الصورة الفاضلة للرسالة الاعلامية وتخديش صور الخير والحقيقة فيها بما يخدم أغراضهم ومصالحهم دون وضع أي اعتبار للقيم الانسانية. وأمام هذا الطوفان.. نلتفت يميناً وشمالاً وفي كل اتجاه حولنا بحثاً عن «إعلامنا العربي» أين يقف؟ وماهو موقفه؟ وما هي ماهيته؟ ما قناعاته وماهي ثوابته؟ ماهو - و هذا الأهم - موقفه مما يجري من حملات مسعورة من الإعلام المعادي ضد أمتنا العربية والاسلامية؟ وماهو العمل الذي يقوم به إزاء ذلك في ظل توافر كل الإمكانات التكنولوجية له وفي ظل توافر الإمكانات المادية والمعنوية والقدرات.. إلخ.؟ نلتفت فلانجد سوى ما يزيد الجرح عمقاً ويبعث على الاحباط الشديد، ولا من ردة فعل ايجابية على مستوى إعلامنا العربي بمختلف أشكاله وألوانه وقدراته وكفاءاته تقف ولو بشكل متواضع أمام الإعلام المعادي لنصرة قضايانا العربية ومعتقداتنا وآدميتنا العربية.. فالتلفزة العربية على أعدادها الهائلة مشغولة ببرامج لا تسمن ولا تغني من جوع إلا ما رحم ربي من تلك الفضائيات وفي جزء ومساحة خجولة من بثها نجدها تناصر أو تعير قضايا الأمة في معتركها مع أعدائها. أما الباقي فإنه غثاء كغثاء السيل «مقروء ومسموع ومرئي».. ولدينا الكثير من الشواهد التي تثبت وبما لايدع مجالاً للشك على أن إعلامنا العربي شبه مشلولٍ خاصة فيما يتعلق بموقفه المضاد الذي يجب أن يكون نصيراً للأمة.. فلم نلحظ مثلاً ضجةً إعلامية عربية تجاه قضية وطن وشعب ومقدرات العراق حينما خرج على العالم الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليوبوش معتذراً عما قام به من تدمير للعراق واحتلال له وهدم كل مقدراته ونهب ثرواته وتمزيقه وقتل وتشريد شعبه.. معتذراً عن ذلك كله لأنه اكتشف أخيراً أن المعلومات الاستخبارية كانت غير صحيحة وهي التي غررت به في فعلته النكراء ..ماذا كان موقف الاعلام العربي تبصيراً للأمة على أقل تقدير..؟ وقضية أخرى هي العدوان الاسرائيلي على«غزة» والذي فعل الاعلام المعادي «الاسرائيلي» ما فعل ونشر ما نشر للعالم كله ولايزال كذلك, وإعلامنا وقفت حميئته بمجرد وقف اطلاق النار.. أما استمرار الموت الآخر لأبناء غزة الناجم عن الحصار البشع المفروض حتى الآن فإنه مازال مستمراً ولكن أين موقع إعلامنا من كل هذا تحليلاً وفضحاً وانسانية.. لايوجد - للأسف - إلا قليل وقضية الزعيم العربي السوداني«عمر البشير» التي لم يولها اعلامنا العربي جل اهتمامه الذي يجب مقارنته بالحملة الاعلامية الغربية المسعورة على أرض وشعب ونظام وشخص زعيم السودان الشقيق.. فأيهما أبشع في نظر الانسانية جرائم الحرب البشعة التي ارتكبها المجرمون الصهاينة ومن يقف وراءهم بحق الشعب الفلسطيني في غزة أم ما يدعون به ضد الزعيم السوداني ويتدخلون بدون وجه حق بحق دولة مستقلة؟ولكن إعلامنا كما ذكرنا مشغول جداً بأشيائه وبرامجه الأخرى.. حتى الفضائيات التي نحترمها جداً أمثال «الجزيرة» فإنها لا تقدم القدر المطلوب مقارنة بما تقدمه في المجالات الأخرى التي نراها.. وتظل « الجزيرة » وغيرها من المنابر الاعلامية الشريفة المؤمنة بقضايا أمتها محل احترام وتقدير الجميع رغم أية قصور على الأقل أنها تقدم ما تخجل في تقديمه التلفزات العربية الرسمية.. وعموماً فإننا وبعيداً عما سبق نجد أنفسنا نترجى إعلامنا العربي الرسمي والخاص على الأقل يقوم بواجبه الديني تجاه مايتعرض له رسولناالكريم محمد«صلى الله عليه وسلم» من اساءات متكررة في الإعلام الغربي انتصاراً لنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وردعاً لهؤلاء الخنازير الذين لا أخلاق لهم ولا انسانية ولايحترموا حتى القوانين الدولية والاعلامية فيما يتعلق بجانب احترام المعتقدات والديانات والحضارات.. إلخ. فهل ننتظر من إعلامنا العربي بكل أنواعه حملة ترهب العدو وتجعله يحترم مشاعر الأمة؟ أم أن سلبية المواقف لدينا سوف تزيد من اساءاتهم الدنيئة..؟