لماذا يتعثر الاستثمار؟! مع أن بلادنا مازالت غضة فتية سليمة العقل والنفس والبدن إلاَّ من وجود بعض الأعراض المرضية التي يمثلها قلة قليلة من المتسلطين أو المتنفذين الذين مازالوا يعيشون حياة الارتزاق. حيث يعطون لأنفسهم الحق في أن يوهموا المستثمرين حيث جاءوا من خارج اليمن لإقامة مشاريع استثمارية بأنهم أصحاب نفوذ وسلطة، يستطيعون من خلالها إفشال أي مشروع استثماري في اليمن إذا لم يدخلوا شركاء في المشروع المزمع إقامته.. فيسألهم المستثمر: ما شأنكم أنتم؟!. يقولون له: «نحن الكل في الكل» فإما أن ندخل شركاء مقابل حماية المشروع والذود عنه ضد المعتدين. فيرد: ومن هم هؤلاء المعتدون؟! يراهم يتغامزون ويتلامزون!! ويضيف: كم عندكم من المال حتى تشاركوا في مشروع كهذا يحتاج ملايين الملايين لإقامته ؟!. فيقولون له : ألا تفهم يا رجل نحن لا نملك شيئاً من المال، وسوف يقتصر دورنا على حماية المشروع؟!. يستدرك، وإذا لم أقبل عرضكم هذا باعتبار أنني يمني أعيش في المهجر، فأردت أن أخدم وطني من خلال إقامة هذا المشروع الذي يساعد بلادنا على أن تنهض وتزدهر في مجال التنمية فيوفر قدرات وكفاءات نادرة ويوظف أيدٍ عاملة تخفف من حجم البطالة في بلادنا ويكون من شأن هذا المشروع أن يترتب على وجوده إعالة عدد غير قليل!. فيقولون: «ما شي» إما أن ندخل شركاء وإلاَّ «ما في مشروع». ويرد: سوف تخسر البلاد من عدة وجوه، فراجعوا أنفسكم. يقولون له: يفتح الله.. إما أن ندخل شركاء أو «يتفركش» المشروع!!. هذه حكايات تتكرر على مسامعنا، ولم يكد يذكر موضوع الاستثمار في بلادنا حتى نسمع حكايات من هذا النوع.. حتى الذين يستبعدون حدوثها يؤكدون أنه لا يوجد دخان من غير نار. ونقول: إذا وجدت نار من هذا النوع في بلادنا فإنها ستأكل الاستثمار، وستحيل سمعة بلادنا إلى رماد حارق!. ونسأل: هل هناك فارق كبير بين الذين يشوّهون سمعة اليمن في اختطافهم للأجانب وقطعهم على الآمنين وبين هؤلاء المفسدين، أليسوا جميعاً مصابين بأمراض عقلية وانحراف سلوك وعاهات أخلاقية، فأين النيابة، وأين المدعى العام، وأين القضاة، وأين مجلس النواب، وأين، وأين، وأين ؟؟!!. أما موضوع العدد الكبير من الحافلات والموتورسيكلات التي تملأ الأسواق فتفسد من كثرتها البيئة وتعطل النشاط العقلي للإنسان، وتحيل حياتنا إلى جحيم وأحوالنا إلى ما يشبه أحوال المجانين، فإن الذي يهديها لنا لنكتوي بنارها، فهم مستثمرون مقيمون في البلاد كلما رزقهم الله رزقاً حسناً من تجارة أو غيرها قرروا أن ينكدوا علينا في شراء حافلات خردة أو جديدة أو شراء دراجات نارية يؤجرونها على الشبان العاطلين؛ فلا ينالهم منها إلاَّ الشر. أما الخير فلا يأت إلاَّ من الحرف التي تنمّي المواهب، وتصقل العقل، وتحافظ على الأخلاق وصحة النفس والبدن. فهل حان الوقت أن يتوقف هذا العبث وهذه المهازل التي أحالت حياة الناس إلى هم كبير لا يطيقه بشر؟!.